عيون مريم: مريم شقير أبو جودة

حبتان على الرمل

مجنون ثقافة، يرتاح في المساحات الضيقة المنفلتة على عوالم لا حدود لها، متسكع في الشوارع الممشحة بصور الشهداء.. متعدد الفنون، قطف من كل وردة وحملها على أصابعه ثم دفن يديه في أرض من رماد، وقرر أن الجنون ضريبة لعقلاء الوطن.

– وعلى امتداد السنوات الأخيرة اكتشف أنه موهوب جنون، ما إن يحك رأسه بموت جديد حتى يغرق في الضحك ملء عينيه ذارفاً دمعة حمام ورحمة على العقلاء المتساقطين واحداً تلو الواحد.

الشعر آخر فنونه، نبت بين حبتين على الرمل، وعرف أن المسافة ليست للشاطئ.

– قلت له مرة:

إن الضباب يلفك بجبينه، وأنت حر بين مساجين، طليق اللسان والمسؤولية.. لم تمت لتبكي.. لم تفقد يداً.. لم تمسك الحرب مباشرة كعادتها مع الأكثرية الساحقة من أبنائها.. محظوظ أنت ومغرور، تفتش عن قشة صراخ بين كومة فحم..

هل أنت هاوي جنون مثلاً؟..

❊ مسرح.. مسرح.. قال:

وباء الحرية يمسكني عن الصراخ.. ويطفئ جانباً من وجهي، ويضع قلبي في الانكسار.. الموت سلطان الحظ إذا شئت..

المحظوظون ماتوا ونسوا أن يبكوا موتهم.. أراهم يقيمون جنازات ويترحمون علينا.. ماذا تنتظرين من رجل يجلس على ساقه ويتابع لازمة موسيقية متجمدة ويرقص عليها؟

– انتظر هناك حركة انقلاب الجنون أمر آخر، من يصل إلى عفوته الحياة؟ أنظر حواليك. فكر في الأمر جيداً، يلزمك بعض الجدية لتكون مجنوناً يستحقه الوطن.. حتى الجنون فعل إبداع كما المسرح، كما القصيدة.. مسرحي أنت و.. شاعر والأمل مسمار على جبينك..

❊ تعلمي أن الفاصلة بين وطنين هي القضية، وأن الرجل المهدد بسقوط الحائط على يديه على شكل طيور وأشجار، لن تنقذه أم عملاقة.

– رجل مهدد بالتشقق، يختفي من التفكير في سرير عاطفي، ويعلم أنه أم تنام على الوسادة. منتهى رجولته امرأة من أعشاب نائمة.

لكن أن تمد لسانك لأمك.. وتقفز إلى أعماق السجاد، تطال الحقول الضيقة داخل المرآة وتكتشف أنوثة موتك وتعلم للعالم أنه يلزمنا أعوام لنلمس بعضنا داخل المرايا المتعاكسة لحياتنا، لنكشف سر اختيار العيش.

❊ أنا اخترت النوم الواقف في العمر، واخترت فصيلة مختلفة من الإنسان.. كومت نفسي داخل خيط البيت ولمست الأرض لأنظف جسدي.. واكتشف أنه بعد الليل منتصف آخر، وأنه تلزمنا أصابع لخطوات لا ترتعش، تلزمنا ظلال حريرية لتختفي فوق السماء.

كلما عبرت أيدينا السقف مشياً على الأقدام.

– افدني سيدي.. أنر طريقي في خوض الجنون.. ساعدني كي أصل إلى الخلاص، كي نمشي سوياً صوب الوطن.. أخبرني عن وطن الفنانين والشعراء.. وقل لي هل أرغمك أحد الصعود بأطراف هوائية إلى المكان الآخر؟ المكان المطلوب؟

❊ عفواً سيدتي.. نحن محليين في التفاتاتنا ووسامتنا.. لن يأخذنا مساء خارج البيت ما دمنا حميمين كالدجاج، لن يمسكنا صباح من قبعاتنا ويصرخ من النباتات بوجوهنا المرتبة ما دام الطقس والحركة مكسوران ولهاثنا في الليل دائري داخل كرة البيت.

– ماذا تنتظر.. ما المطلوب؟ هل هناك حل؟.. ضحك جيداً..

You may also like...

0 thoughts on “عيون مريم: مريم شقير أبو جودة”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحميل المجلة

شرفتي.. المقال الصحفي…… هل ما زال؟!

رئيس التحرير
الدكتور وليد السعدي

Polls

هل انت مع منع لعبة البوكمن في البلاد العربية ؟

Loading ... Loading ...
Facebook
Google+
Twitter
YouTube
Instagram