تساقط الإعلام الورقي… السفير في مهب الريح
أزمة موت الصحافة الورقية لم تطرق باب الصحافة اللبنانية فقط، لا بل تهدد الأزمة الصحافة الأميركية والصحافة المصرية
إن الصحف المطبوعة تواجه أزمة حادة، وخلال عامين، ستخرج العديد من الصحف من سوق المطبوع، وسيكون أكثر من 50 ألف شخص يعملون في الصحف المطبوعة، مهددين بقطع أرزاقهم، وليس هناك أي مبادرات لإنقاذهم أو إنقاذ الصحافة المطبوعة.
في العام الماضي فقط، توقفت أكثر من 100 صحيفة ومجلة كبرى من مختلف دول العالم عن طبع نسختها الورقية، وأغلبها تحول لنسخة إلكترونية، أو دخل في اندماجات، أو اكتفى بنسخة أسبوعية فقط، أو بدأ في تفتيت يوميتها لمجلات صغيرة متخصصة“
لم يمر أسبوعٌ بعد على الضجة التي أحدثها خبر إحتمال توقف صحيفة “السفير” عن الصدور حتى صار أمراً واقعاً.
الصحيفة العريقة تعيش ظروفاً صعبة، فبعدما أرسل الناشر طلال سلمان رسالة إدارية قبل أيام يطلب فيها بكل مودة أن يكتب جميع الصحافيين عن تجربتهم الخاصة في المؤسسة، وعن نشأة الجريدة وأهم المحطات الزمنية والمهنية وأهم التحقيقات الإجتماعية والبيئية والمقالات السياسية والأمنية، ليكون عدد 31 آذار هو العدد الأخير الذي سيصدر ورقياً، وسط تضارب معلومات عن احتمال توقف “موقع السفير” أيضاً عن العمل.
المعلومات تشير إلى أن نقابة موظفي السفير ستشهد اجتماعاً اليوم الخميس مع النقيب عدنان الحاج والناشر طلال سلمان لبحث موضوع دفع تعويضات العاملين في الصحيفة، وسط جو ضبابي عن الأزمة التي ستترتب على الزملاء الذين سيجدون أنفسهم بحاجة إلى البحث عن وظائف في مؤسسات إعلامية محلية، في ظل ركود السوق الإعلامي والإعلاني.
إذن ستقفل السفير أبوابها عشية الذكرى الثالث والأربعين لإنطلاقتها، مطلقة الإنذار الأول لموت الصحافة الورقية في لبنان.
السفير.. هي صحيفة يومية، سياسية، عربية أسّسها الصحافي طلال سلمان.
صدر العدد الأول منها في 26/3/1974 وحمل شعار “جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان“، فضلاً عن شعار “صوت الذين لا صوت لهم“، ولا زالت تعمل حتى هذا اليوم على المحافظة على هذين الشعارين.
مع صدور العدد الثاني، رفعت ضدها أول دعوى قضائية، ثم توالت الدعاوى حتى بلغت 16 دعوى في عامها الأول، ولم تتم إدانتها في أي منها.
منذ العدد الأول لصدورها حملت “السفير” أسماء لمعت في الفكر العربي المعاصر أمثال: ياسين الحافظ، عصمت سيف الدولة، سعد الله ونوس، جورج قرم، مصطفى الحسيني، إبراهيم عامر، بلال الحسن، حازم صاغية، حسين العودات، ميشال كيلو، عبد الرحمن منيف، رفعت السعيد، إميل بيطار، طارق البشري، سليم الحص، فهمي هويدي، صلاح الدين حافظ، كلوفيس مقصود، أسعد المقدم، جوزف سماحة، هاني فحص، حسين عبد الرازق، وغيرها من الأسماء التي صار حضورها مميزاً في السياسة والثقافة العربية. وكان رسام الكاريكاتير الشهيد ناجي العلي من علاماتها الفارقة لفترة طويلة.
تعرضت السفير لمحاولات ترهيب عدة أبرزها نسف مطابعها في سنة 1980 وأكثر من محاولة لنسف منزل رئيس تحريرها طلال سلمان ثم محاولة اغتياله في سنة 1984… هذا عدا عن استهداف مبناها بكثير من الصواريخ والعبوات الناسفة خلال الحرب الأهلية.
وكانت الصحيفة اللبنانية الوحيدة التي لم تتوقف يوماً واحداً خلال الاجتياح الإسرائيلي (1982)، على رغم أن توزيعها كان محصوراً، بفعل الحصار الإسرائيلي، في شوارع العاصمة.
تعرضت “السفير” للتوقف عن الصدور 3 مرات بقرارات صادرة عن الحكومة اللبنانية، كان آخرها عام 1993 حين صدر قرار قضائي بتعطيل الجريدة عن الصدور لمدة أسبوع بتهمة “نشر وثيقة تتضمن معلومات يجب أن تبقى مكتومة حرصاً على سلامة الدولة“. أما المعلومات المشار إليها فهي الترجمة العربية للاقتراح الإسرائيلي الذي قدمه رئيس الوفد الإسرائيلي المفاوض مع لبنان إلى الوفد اللبناني في واشنطن. وقد لقي القرار اعتراضات واسعة وحظيت “السفير” بتضامن شعبي من مختلف التيارات السياسية في مواجهة القرار، تم في أثره تعديل قانون المطبوعات فمنع تعطيل الصحيفة قبل صدور الحكم بالإدانة، كما منع توقيف الصحافيين احتياطياً.
بالإضافة الى تغطية الأحداث اليومية، تصدر جريدة “السفير” حالياً كل أسبوع الملاحق التالية: “السفير الرياضي“، “نصوص من صحافة العدو“، “البيئة“، “أفكار وأخبار“، “شباب“، و“السفير الثقافي“. وفي عام 2011، أصدرت مجلة “فلسطين” الشهرية، كما أصدرت مؤخراً ملحق “السفير العربي” الذي يهدف إلى تعميق المعرفة بالمجتمعات العربية بمعزل عن السياسة اليومية.
وتجدر الإشارة إلى أنّ جريدة “السفير” تقوم منذ إنشائها بتدريب الصحافيين الجدد وخريجي الجامعات في مجال الإعلام، وهي تفخر بأن العديد من محرريها هم من بين أولئك الخريجين، كما أن عشرات ممن دربتهم يحتلون مراتب جيدة في العديد من الصحف داخل لبنان وخارجه، وكذلك في وكالات الأنباء الدولية، فضلاً عمن يحتلون مواقع ممتازة في الإعلام المرئي والمسموع.
السفير هية جريدة يومية
المنارة–مروة طولبر
0 thoughts on “تساقط الإعلام الورقي… السفير في مهب الريح”