لـنـا كـلمــة …………… اللغة كائن اجتماعي

يمكن أن يُقال إن اللغة كائن اجتماعي ترتبط بشعب معين، وهي تتطور وتنتشر بانتشار ذلك الشعب، وتذبل وتضمحل باضمحلاله وانتهائه.

ولا يزال العلم عاجزاً إلى الآن عن تفسير سبب ظهور آلاف اللغات في العالم، لكن من المؤكد أن ثمة عوامل متعددة تساهم في ظهور اللغة منها، الطعام، والشراب، والهواء، وأدوات الإنتاج، والمناخ، سواء من حرارة أو رطوبة أو برودة.

وهناك من العلماء من يفسر وجود اللغات على أساس رياضي، من منطلق أن البشرية لها صفات مشتركة، فجميع البشر يشتركون في الأكل والشرب وتصيبهم الأمراض المختلفة ويتزوجون ويسعون لكسب الرزق، ولهذا فلغات البشر هي في حقيقة الأمر لغة واحدة بتفسيرات كثيرة، فالمصطلح الذي يدل على طعام معين في لغة معينة هو نفسه في لغة أخرى لكن بمنطق مختلف، وعلى هذا المبدأ تعمل تقنية الترجمة الفورية التي ابتدعها الإنسان في العصر الراهن. وهناك لغات لها حضور عالمي واسع مثل الإنجليزية والإسبانية والفرنسية والعربية، وهناك لغات لا تعدو أن تكون خاصة بطائفة صغيرة من السكان في دولة ما، فمثلاً الهند فيها عشرات اللغات منها، الهندية، والأردو، والتاميل، والمالباري، وغيرها، لكن أهم هذه اللغات هي الهندية التي تعد اللغة الرسمية للهند.

وقد لعب الاستعمار الإنجليزي للعالم في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين دوراً محورياً في نشر اللغة الإنجليزية وفي جعلها لغة عالمية، ونجح علماء اللغة الإنجليز في تبسيط قواعد لغتهم وجعلها سهلة التعلم ما جعل لهذه اللغة جاذبية تفوق أية لغة أخرى، فالتذكير والتأنيث غير موجود فيها كما في غيرها من اللغات.

ورغم أن اللغة العربية من أسهل لغات العالم، لأن جميع مفرداتها يمكن إعادتها إلى الفعل الثلاثي، وبالتالي عمل اشتقاقات كثيرة لاسم الفاعل واسم المفعول واسم الآلة واسم المكان وصيغ المبالغة وغير ذلك، لكن التذكير والتأنيث والمثنى وحركات الإعراب المختلفة، تعيق إلى حد كبير قدرة من يريدون تعلم هذه اللغة حتى يُظنّ كأنها لغة غير قابلة للتعلم، بعكس اللغة الإنجليزية التي تحررت إلى حد كبير من ذلك، رغم أنها ليست لغة ذات جذر واحد، بل يمكن أن يقال إنها مجموعة لغات في لغة واحدة، فالجذر الألماني هو أساس تلك اللغة، لكن أضيف إليه لغة السلتيين سكان بريطانيا الأصليين، ومن ثم جاء النورماند من فرنسا عام 1066 فأضافوا إليها مفردات فرنسية كثيرة، حتى يقال إن نحو عشرة آلاف كلمة فرنسية موجودة في اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى ذلك توجد مفردات عربية نقلها الإنجليز إلى لغتهم في العصور الوسطى خلال اشتراكهم في حروب الفرنجة.

إن مركزية اللغة الإنجليزية في عالم اليوم جعلت الشعوب الناطقة بها أقل الشعوب ميلاً لتعلم لغات أخرى، فهؤلاء يملكون أداة الدخول إلى عالم المال والأعمال في أي مكان في الأرض، وهي اللغة الإنجليزية، وبالتالي فهم غير مضطرين لتعلم لغات أخرى مثل باقي الشعوب الذين يجهدون في تعلم هذه اللغة ليكون لهم نصيب في سوق العمل.

وتكشف الأرقام أن عدد الطلاب الأمريكيين الذين تعلموا لغات أخرى بخلاف الإنجليزية، تضاءل بمعدل يقارب 100 ألف طالب بين عامي 2009 و2013، وفقاً لبحث نشرته مؤسسة (مودرن لانجويدج أسوسييشن)، وبالنسبة للكثيرين منهم، قد يبدو التعمق في دراسة علم الاقتصاد مثلاً أكثر نفعاً من تعلم الفرنسية.. لكن هل ستبقى اللغة الإنجليزية لغة عالمية لأجل طويل في المستقبل؟.. الواقع أن الجواب على هذا السؤال ستحدده اتجاهات النمو الاقتصادي في دول العالم

محمد خليفة                                                                                            med_khalifaa@hotmail.com   

You may also like...

0 thoughts on “لـنـا كـلمــة …………… اللغة كائن اجتماعي”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحميل المجلة

شرفتي.. المقال الصحفي…… هل ما زال؟!

رئيس التحرير
الدكتور وليد السعدي

Polls

هل انت مع منع لعبة البوكمن في البلاد العربية ؟

Loading ... Loading ...
Facebook
Google+
Twitter
YouTube
Instagram