البث المباشر على وسائل التواصل.. فوضى غير خلاقة؟!

أوقع كثيرين تحت طائلة القانون

أبوظبي – ميسون الرشيد

بث الخبر لحظة حدوثه أحدث نقلة نوعية في العديد من المجالات، خصوصاً في مجال الصحافة والإعلام، ولكن سرعان ما انتقلت العدوى إلى الصحافة الاجتماعية، أو ما يسمى (S0CIAL MEDIA) حيث تبث (الإسنابات) والفيديوهات مباشرة من قلب الحدث دون حسيب أو رقيب، شاء البعض أم أبى، الأمر الذي أحدث فوضى عارمة، ومشاكل لا حصر لها بين أفراد المجتمع، فيما دخلت بعض الأسر في خلافات لا أول لها ولا أخر، ما أدى إلى المطالبة بوضع حد لهذه الفوضى غير الخلاقة.

لم تفق المجتمعات العربية من مشاكلها الخاصة التي أحدثتها التقنيات الحديثة والمتمثلة غياب التواصل الاجتماعي بين أفراد الأسر، ومخاطر التواصل مع الغرباء عبر (الفيس بوك) (وتويتر) والمواقع الإباحية، لتفاجأ بمشكلة جديدة تطل برأسها محدثة قلقاً، وتوتراً إضافياً، حيث حفلت الصحف في الأيام الماضية بالعديد من القضايا التي أثارها الرأي العام بسبب البث المباشر، خصوصاً بعد أن قرر المدعي العام توقيف الناشطة الأردنية زين كرزون بسبب ما تبثه على تطبيق (الإسناب شات).
انتهاك للخصوصية
بالرغم من اتفاق غالبية المشاركين على أن البث المباشر يعد نقلة نوعية في حد ذاتها غير أن معظمهم أوضح أن المخاطر المتمثلة في هذا التطبيق تتزايد يوماً بعد يوم، حيث أكد عبد الله محمد الكردي (موظف) أن بعض الشباب يتأثرون بما يحدث في فيديوهات البث المباشر، خصوصاً التي تدعو إلى التعصب الديني، وهذه مسألة خطيرة جداً، ولا تتفق مع مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلى التسامح والتعايش السلمي، إضافة لذلك نجد بعض هواة البث المباشر يصورون حوادث الطرق ويبثونها على الملأ دون مراعاة لشعور وظروف المصابين وأسرهم، وهذا يعتبر انتهاكا صارخاً لخصوصيتهم ومشاعرهم، لهذا أتمنى أن يكون هناك وازع أخلاقي ورقابة ذاتية، بصرف النظر عن وجود قوانين رادعة.
وصمة عار
لا بد أن يولي المسؤولون اهتماماً سريعاً لحسم هذه المشكلة الخطيرة لوقف استهتار المتطفلين، وهواة البث غير المقنن الذين دأبوا على بث الفيديوهات على أوسع نطاق دون معرفة ردة فعل الطرف الآخر.. بهذه العبارة استهلت أم عمار (ربة منزل) حديثها لافتة إلى تعرض ابنتها المحجبة إلى أقسى صدمة حينما شاهد شقيقها صورها على (الفيس بوك) وهى ترقص بلا حجاب، وبفستان شبه عار في حفل عيد ميلاد صديقتها.. وأضافت أم عمار مؤكدة أن ردة فعله تجاه شقيقته كانت عنيفة جداً، ورغم محاولتها الدفاع عن نفسها إلا أنه أوسعها ضرباً وإهانة، ما دفعها إلى وضع نفسها قيد الإقامة في المنزل لأكثر من عام، وذلك لاعتقادها بأنها قد جلبت العار لعائلتها.
قوانين رادعة
أما عبد الله محمد المري (موظف) فيصب جام غضبه على المدعوين الذين يقومون بتصوير المناسبات وبثها مباشرة إلى جميع المضافين إلى حساباتهم الشخصية رغم علمهم المسبق بأن الموضوع لا يخصهم من بعيد، أو قريب، فضلاً عن ذلك فبعض الحضور ليست لديهم الرغبة في الظهور على وسائل التواصل الاجتماعي مهما كانت أهمية الحدث، وهذا حق من حقوقهم، فالحرية الشخصية يجب أن لا تتجاوز حرية الآخرين.
ويضيف: على هواة البث المباشر الإدراك بأن صاحب الحدث لو كانت لديه الرغبة في بثه على الهواء مباشرة لما تأخر عن دعوة أكبر عدد من القنوات الفضائية المنتشرة كالهم على القلب، من هذا المنطلق أناشد الجهات المختصة بضرورة سن قوانين رادعة تضاف إلى قانون الجرائم الإلكترونية الحالية، لردع كل من تسول له نفسه الأمارة بالسوء بنشر صور أو فيديوهات دون رغبة أصحابها.
الشهرة الرخيصة
في سياق متصل تعرب إسراء عبد اللطيف (طالبة جامعية) عن أسفها لقيام بعض الطالبات ببث المناسبات الخاصة بزميلاتهن على الهواء مباشرة سواء كانت مناسبات داخل الجامعة، أو خارجها ما يثير حفيظتهن، وغضب عائلاتهن، لاسيما أن الفيديوهات يتم نشرها على أوسع نطاق ليستغلها ضعاف النفوس في مآرب لا تخطر على البال.
وتستطرد: لم يقتصر البث المباشر على المناسبات فحسب بل تجاوزه إلى (الإسناب شات) والبرامج التلفزيونية التي راح ضحيتها الكثير من الناس، حيث تم استغلال ظروفهم الخاصة وعرضها مباشرة على الجمهور دون علمهم بعواقب هذا النوع من البرامج التي لا تتحرى الدقة، بل تسعى إلى الشهرة الرخيصة، والكسب المادي السهل.
سابقة خطيرة
من جهتها تؤكد بانة جوكي (موظفة) أهمية احترام خصوصية الآخرين، وعدم إقحامهم في مواضيع ليس لهم فيها ناقة ولا جمل، لافتة إلى أن البث المباشر في نطاق العائلة من أجل نقل حدث غاب عنه البعض لظروفهم الخاصة لا يضر، ولكن أن يقوم بعض المدعوين دون إذن مسبق من صاحب الدعوة بتصوير المناسبة ونقلها على الهواء مباشرة يعتبر سابقة خطيرة، وانتهاك لحقوق أصحاب المناسبة، والمدعوين في الوقت نفسه، ما دفع أغلب الناس إلى منع دخول الهواتف النقالة إلى مكان الاحتفالات الخاصة.
وتؤكد جوكي أن الصحافة الاجتماعية لديها الكثير من المميزات الرائعة إذا عرف الناس كيفية استغلالها، ولكن للأسف يقوم البعض باستغلال هذه الميزات بصورة لا تتناسب والغرض الذي جاءت من أجله، ما يشكل صدمة كبيرة للمستخدمين، وأصحاب الشركات على حد سواء.
تحديات كبيرة
أما محمد أمين فياض (موظف) فيوضح أن مصطلح البث المباشر يعني توصيل محتويات الفيديو والصوت عبر الإنترنت مباشرة، وبشكل مضغوط، ما يقلل من زمن المشاهدة أو الاستماع، وبالرغم من أن الشركات المالكة للوسائط المتعددة استحدثت تطبيقات تسمح بإزالة الفيديوهات المسيئة التي تحتوي على انتهاكات لشروط الاستخدام، غير أن الرد على مثل هذه البلاغات لا يتم قبل مضي 24 ساعة، نظراً لكثافة الفيديوهات التي يتم التبليغ عنها، ما يسهم في نشرها على أوسع نطاق، الأمر الذي يلحق الأذى بعدد كبير من الناس.
لحظات حرجة
في السياق نفسه أوضحت خديجة الجاسم (ربة منزل) أن تطبيق المباشر كغيره من التطبيقات التي تشتمل على مزايا حسنة وأخرى سيئة، لافتة إلى أن من فوائده نقل الحدث في زمن قياسي، ومن موقع الحدث نفسه، إضافة إلى مشاركة الأهل والأصدقاء مناسباتهم السارة إذا تعذر الحضور، كما يسهم البث المباشر في توثيق جميع الأحداث بالصوت والصورة دون الاستعانة بمصورين ما يقلل من التكاليف، أما الأضرار فتتمثل في التعدي على الخصوصية، وإقحام الآخرين في أحداث لا علاقة لهم بها، وفي بعض الأحيان يتم بث فيديوهات لا تسمن ولا تغني من جوع، أي لا تفيد الناس في شيء، وأدعو من يقومون ببث اللحظات الحرجة في حياة الآخرين، إلى التوقف عن هذا السلوك احتراماً لخصوصية ومشاعر الآخرين، لاسيما أن هذه اللحظات تعد من الذكريات المؤلمة التي لا يرغب أي شخص في مشاهدتها مرة أخرى.
فئة الشباب
ويلقي عباس توكل (موظف) الضوء على أهمية هذه التقنية الحديثة التي أسهمت في اختزال الوقت والتكاليف، لكنها في الوقت نفسه قد تختزل المشاعر إذا لم يتم التعامل بصورة إيجابية، أو إذا تم استخدامها بشكل غير لائق يؤدي إلى انتهاك الخصوصيات، أو من خلال نشر فيديوهات مسيئة إلى الآخرين بصورة، أو بأخرى.
ويضيف: فئة الشباب من أكثر الفئات تأثراً بوسائل التقنية الحديثة، وهم أيضاً الأكثر استخداماً لها لهذا يتوجب على الأهل المراقبة اللصيقة، والتوجيه السليم حتى لا يقع الأبناء في مشكلة يعاقب عليها القانون، أو حتى لا يؤذي الذوق العام، أما الجهات المختصة فعليها نشر الوعي، والتركيز على أن ثقافة البث المباشر لا تعني التطفل على الآخرين.
الحرية المطلقة
لا يختلف رعد كنعان (موظف) مع وجهة النظر السابقة، كما يؤكد أن غياب الوعي الاجتماعي وتراخي الأهل عن تحمل مسؤوليتهم الكاملة يلعبان دوراً أساسياً في تحويل الجوانب الإيجابية للصحافة المجتمعية، أو (SOCIAL MEDIA) إلى جوانب سلبية تلقي بظلالها على المجتمع، ما يتطلب تكثيف الجرعات التوعوية في وسائل الإعلام المختلفة، مروراً بالمدارس والجامعات، ولا يفوتني أن أوجه نداءً إلى الأهل بضرورة الصحو من غفوتهم، والانتباه إلى أبنائهم قبل فوات الأوان، لاسيما أن العالم أصبح قرية صغيرة، ولا يحتاج السفر إلى أي دولة أو قارة أخرى إلى تذاكر سفر بل كبسة زر لاختراق الحدود، وفتح جميع الأبواب المغلقة، حيث الحرية التي توفرها الفضاءات الإسفيرية.
الصدمة الكبرى
أما (الإعلامية) تمارا كالوة فلا تخفي قلقها من خاصية البث المباشر التي توفرها شركات الهواتف النقالة لكل من يملك جوالاً ذكياً بلا استثناء، ما يجعل من هذه الميزة أمراً أسهلاً حتى بالنسبة للأطفال الذين يستخدمون الهواتف أكثر من الكبار، سواء في تطبيقات الألعاب أو البث المباشر بعيداً عن رقابة الأهل.
وتشير كالوة إلى أن ابن الجيران كان يقوم ببث أحداث المنزل اليومية إلى زملاء الدراسة دون علم أسرته التي كانت تتخيل أنه يمارس هواية (الإسناب) فقط، ولكنها تفاجأت بما يحدث عندما طلب الأخصائي الاجتماعي تحديد موعد لزيارتهم في المنزل.. وتضيف كان الأمر مزعجاً بالنسبة إليها، بل وصل إلى حد الصدمة، فأبنها في السابعة من العمر، ولم يكن يقصد انتهاك خصوصيتهم، ولكن قد حدث ذلك بصورة غير مباشرة.
إسناب شات
من جانبها تلقي الخبيرة التربوية هبة بشير الضوء على تصوير المدعوين للمناسبات الخاصة وبثها مباشرة للآخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي دون إذن مسبق من الذين يتم تصويرهم، علماً أن من يشاهدون الفيديو عبر البث المباشر قد لا تكون لديهم علاقة بهؤلاء، لكنهم يشاهدون الحدث من باب الفضول فقط، ويعد هذا السلوك مخالفاً للقانون والأعراف والتقاليد، إضافة إلى كونه انتهاكاً غير مسبوق لشروط الاستخدام.
وتضيف: أيضاً نلاحظ أن بعض المتطرفين والجماعات الخارجة يستغلون عن القانون (الإسناب شات) لنشر أفكارهم بين الشباب، ما يشكل خطورة كبيرة على المجتمع، والإسلام المعتدل الذي يدعو إلى التسامح والمودة والرحمة، وينبذ العنف والظلم والقتل غير القانوني الذي يهدد أركان الأمة ويمزق أوصالها.
وتلقي بشير الضوء على ظاهرة بث الأحداث المؤلمة لحظة حدوثها، كما حدث مع الشاب الذي أقدم على الانتحار تحت عجلات القطار لتخلي حبيبته عنه وتم بث الفيديو على نطاق واسع الأمر الذي أحدث صدمة كبيرة بين أفراد المجتمع.

257 251

You may also like...

0 thoughts on “البث المباشر على وسائل التواصل.. فوضى غير خلاقة؟!”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحميل المجلة

شرفتي.. المقال الصحفي…… هل ما زال؟!

رئيس التحرير
الدكتور وليد السعدي

Polls

هل انت مع منع لعبة البوكمن في البلاد العربية ؟

Loading ... Loading ...
Facebook
Google+
Twitter
YouTube
Instagram