السفر والربيع العربي

رئيس التحرير.. د. وليد السعدي

لا شك أن ما تشهده بعض دولنا العربية بما سمي (الربيع العربي) قد غير خارطة السفر والسياحة العربية، فقد انعكست الأوضاع الأمنية والسياحية، وبالتالي الاجتماعية والاقتصادية، على مجمل الأوضاع في هذا البلد أو ذاك،الأمر الذي يؤدي في أحيان كثيرة إلى إرباك الخارطة السياحية لدى الدول وشركات الطيران وشركات السياحة والسفر، لأن من أهم عناصر السياحة، سواء أكانت عربية أم غربية، هو توفر الأمن والأمان في ذلك البلد، فإن كان معدوماً انعدمت السياحة، كما هي حال بعض بلداننا العربية هذا العام، والأعوام التي سبقت تهاوت السياحة العربية إلى درجات لم يسبق لها مثيل في أغلب الدول العربية، رغم كل ما بذلته تلك الدول ووزارات السياحة فيها من جهود مضنية لعودة السياح وإقناعهم بالأمن والأمان، لكن الواقع شيء والأحلام شيء آخر تماماً، إلا في ما ندر، فسيقوم سائح بريطاني أو فرنسي بزيارته المقررة له منذ سنين إلى مصر أو تونس أو سوريا أو المغرب ليجد نفسه مختطفاً، وقد ظهر على شاشات التلفاز يستجدي رئيسه بدفع الفدية أو التورط للإفراج عنه، كما حدث في أمثلة عديدة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أيضاً هناك عوامل عدة قد دمرت السياحة العربية، منها تدهور أسعار الصرف مقارنة بالعملات الرئيسية والارتباطات التي حصلت بعدها، وتفشي الأمراض كذلك في عدد من البلدان، وهذا الأمر لا ينطبق على دولنا العربية فقط، بل هناك العديد من مدن أوروبا قد تغيرت الخارطة السياحية فيها بعد تجدد الهجمات الإرهابية فيها، الأمر الذي أدى إلى إعادة تفكير السائح بتغيير خارطة السياحة، وعزز الطلب بالتفكير نحو الوجهات السياحية الآسيوية لرخصها، مقارنة بأوروبا، وكذلك الأمان الموجود فيها إلى حد ما، فشرب القهوة في إحدى مقاهي الشانزلزيه لم يعد سهلاً، وأخذ الصور بالقرب من أبي الهول والأهرامات دليل مصر الجميل لم يعد متاحاً كالذي كان، والتجول في مدن سوريا شمالاً وجنوباً ووسطاً لم يعد كذلك كالذي كان من ذي قبل يتمتع بكل الأمان والطمأنينة.. لقد أوجد لنا ذلك الربيع العربي المزعوم هموماً غير هموم الأمن والأمان والقتل والتشريد.. أوجد لنا هموماً داخلية وأزمات نفسية واجتماعية كنا نخففها بالسفر، كنا نقلص حجمها بالسفر هنا وهناك، لكنه الربيع غير العربي فعل بنا ما فعل، وما علينا سوى الانتظار حتى يغدو خريفاً أو شتاءً فتتساقط أوراقه ويبدأ خيره مطراً وبرداً يهل علينا، أو أن تكون وجهتنا البلدان الآسيوية الذين لم نمل منهم يوماً وهم بيننا صباح مساء.. وإلى لقاء في صيف آخر بعد ربيع عربي أصيل.

You may also like...

0 thoughts on “السفر والربيع العربي”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحميل المجلة

شرفتي.. المقال الصحفي…… هل ما زال؟!

رئيس التحرير
الدكتور وليد السعدي

Polls

هل انت مع منع لعبة البوكمن في البلاد العربية ؟

Loading ... Loading ...
Facebook
Google+
Twitter
YouTube
Instagram