المظاهر في عمومها جزء من السلوك الإنساني، يقول الفيلسوف شوبنهاور: إننا نضحي بثلاثة أرباع حقيقتنا لنبدو كالآخرين..
إن معايشة الإنسان لحياته اليومية تتلون بسلوك ومظاهر يكتسبها من خلال تراكم التجارب والخبرات الحياتية وطريقة اكتسابه لبعض السمات المكتسبة من عائلته ومحيطه بشأن ردات الفعل التي تواجهه في جميع مفاصل حياته.. فأحياناً تكون المظاهر وطريقة تصرفه في بعض الأمور هي الشكل الغالب على نمط حياته، على عكس ما يكون داخل هذا الإنسان، وهنا تأخذ حياته عدة أشكال تجعله يتعرض لكثير من المواقف السلبية.. فالصدق مع الذات هو أساس الراحة النفسية، بحيث تكون المحاسبة الذاتية تجاه تصرفاته.
إن التعامل المبني على أساس الشفافية والصدق والمشاعر يشعر الشخص دائماً بارتياح وتوازن نفسي واجتماعي، أما التصنع الذي يرتبط بهدف الخوف والتظاهر بأمور ليست هي من سماته فالمكاشفة فيها، أعني نتائجها، تفقده حب الناس، فهل يبالغ الإنسان بإظهار مشاعره وحبه؟ وهل يكون وجوده في بوائق متعددة هو الشكل الأمين لاستمرارية عمله وكينونته النفسية؟
بالطبع لا يمكن لهذا إلا أن يرتد عليه سلباً، والتصنع ليس سراً يخفيه، لكنه شكل مؤقت من أشكال التأقلم غير الصحيح يتكشف عند أية تجربة يهتز لها، وتكون هنا نظرة الآخرين له.. وعمله أيضاً لا يرتقي إلى الشكل المطلوب من التعايش حتى مع أقرب المقربين له.
إن قسمات الإنسان تعكسها دائماً تصرفاته، وزلات المرء كثيرة، بحيث لا يحكمها تنظيم، إلا أنها تكون عبثية الخروج من التصرفات والعقل، ولذلك ليس هناك حساب في حال كان الإنسان بهذه المظاهر وهذا التصنع الكاذب، فهو يكذب على نفسه أولاً.
أما في الجانب الآخر، الإنسان صادق مع نفسه وثقته بنفسه عالية، لكن المبالغة عنده تكون أكثر من اللازم، ويعتقد بهذا الأسلوب استمالة الآخرين أو بلوغ هدف يطمح إليه أكثر من المطلوب، هنا تتشعب استجابات الآخرين له، فتكون إما مبالغة ذاتية تنعكس على نفسيته وعلى توازنه فيعيش في قلق حتى مع نفسه، فلا تكون طريقة معالجته لهذه الأمور بالشكل المنطقي والصحيح، وإنما يشعر بعدم الرضا والثقة مع نفسه، أما مع الآخرين فيكون هذا الأسلوب منطبعاً لديهم، وهكذا تتلون حياتنا بما نريد وبما يريده الآخرون.. والأجمل أن نكون طبيعيين في جميع تصرفاتنا كي لا نجعل من حياتنا أكذوبة نعيش صراعها بين ما نحب وما نحن عليه..