أوعية متصلة ………. أنحني ألف عامٍ لأصغي إليك

أوعية متصلة
محمد علي شمس الدين

أنحني ألف عامٍ لأصغي إليك
غالباً ما لا أهتم بالمناسبات.. لا بالأعياد الموسمية ولا بالأحزان الموسمية.. والعيد في العربية هو العود للماضي، أو من الماضي.. وعليه يقول المتنبي: عيد بأية حالٍ عدت يا عُيد.. لكن الماضي مضى وانتهى، والحاضر يمتلئ بذاته، والمستقبل في الغيب فلماذا الحنين؟.
وغالباً، أيضاً ما لا أهتم بما يخص تواريخ ميلادي أو فوزي أو أعيادي، فأنا مثلاً، لا أعرف على سبيل التحديد أو على سبيل الانتظار، يوم وشهر وسنة ميلادي، ولا أنتظر من أحد أن يقدّم لي وردة مخصّصة بيوم محدّد، أو يحتفل بي بيوم بعينه وإذا حصل ذلك، فأنا غالباً ما لا أهتم، إذا لم يحصل فلا أعبث ولا ألوم.. لا أحتفل أيضاً بيوم بعينه هو عيد ميلاد من أحب، لا زوجتي ولا أولادي ولا الآخرون من النساء والرجال.. فأقيم احتفالاً بيوم محدد بعينه، وأشتري هدية أو وردة مخصصة بهذا اليوم وهذه المناسبة.
والتي أحبها تطالبني في عيد ميلادها، أو في عيد الحب، أو في رأس السنة الجديدة، أو في مثل هذه المناسبات بأن أبادرها بشيء ما: بخاتم، أو دعوة للعشاء، أو رقصة خاصة أو.. أو.. تطالبني بما هو أصعب: بقصيدة.
حسناً.. لا يعني ذلك أنني محايد في هذه الحياة بكل علاقاتها وأحاسيسها وتقلباتها.. ومناسباتها، لكن لا أربط إحساسي وسلوكي بالمناسبة حتى ولو كانت العيد، ولم أستجب لحبيبتي في يوم ميلادها، فلم أكتب لها قصيدة يومذاك.. لكنني بعد مرور أيام وأشهر على المناسبة، كتبت لها سطراً وأهديته إليها، وهو السطر التالي:
(أنحني ألف عام، لأصغى إليك).
ففرحت، وقلت لها إن حبي وفرحي ودمعي وسعدي ونفسي، كلها ليست مربوطة بيوم بعينه أو بمناسبة بعينها.. فكل يومٍ بالنسبة إليّ قد يكون عيد ميلاد من أحب، والقصيدة لها لا تنتظر المناسبة، والعيد ليس يوماً بذاته من شهر بذاته من عام بذاته، يستعاد بالتكرار، بل وجدت ما أسميه (عيد العيد)، أي ذاك العيد المفتوح بلا تاريخ ولا مناسبة..
فهو عيد نفسه، وهو مناسبة نفسه، وأهميته بأنه حقيقي وغير مصنوع، وأنه مفاجئ وغير منتظر، وأنه غريب ويمشي عكس خط سير ما يتآلف عليه الناس ويعتادونه حتى يغدو إلزاماً أو فرضاً.. ولا متعة في كلا الأمرين، لا الإلزام ولا الفرض. المتعة في المفاجأة والمبادهة والاستجابة غير المؤقتة بزمان ومكان، لما نحبّ أو حتى لما نعبد.. أجمل الصلاة وأعمقها هي تلك التي تطلّ خارج الطقوس، وأحياناً خارج الكلمات.. وأجمل ما في الشعر أنشودة تبقى بلا وزنٍ ولا قافية.. أجمل العيون تلك التي تطلّ عليك من مكانٍ لا تنتظره، وأجمل الهدايا تلك لا تخطط لها ولا تحسب لها حساباً في الربح والخسارة.. أجمل الأصدقاء، من يزورك من حيث لا تحتسب، وأجمل التحيات تلك التي تصلك من طرف عين نجلاء وتصيبك كسهم مفاجئ.. وربما أجمل الأيام هي تلك التي لم نعشها بعد.

You may also like...

0 thoughts on “أوعية متصلة ………. أنحني ألف عامٍ لأصغي إليك”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحميل المجلة

شرفتي.. المقال الصحفي…… هل ما زال؟!

رئيس التحرير
الدكتور وليد السعدي

Polls

هل انت مع منع لعبة البوكمن في البلاد العربية ؟

Loading ... Loading ...
Facebook
Google+
Twitter
YouTube
Instagram