شرفتي ……. ابن بطوطة رجل الخطوة والفكر والسلام »2«

بقلم رئيس التحرير :الدكتور وليد السعدي

لقد خلد ابن بطوطة اسمه في التاريخ كأهم رحالة عربي مسلم بنفسه، مع أننا أهملنا تخليده بالوثائق والمهرجانات والمؤتمرات والندوات، وتأتي الجمعية المغاربية مشكورة على جهدها لتحاول أن توثق ما يمكنها توثيقه من حياة وتاريخ ابن بطوطة، فهي شهادة منا له ولو جاءت متأخرة لكنها هامة جداً، في وقت نحن بحاجة إلى خطوة أولى على الطريق الصحيح للتعمق بتراثنا وإرث آبائنا وأجدادنا الأول. ولمن لا يعرف ابن بطوطة فهو محمد بن عبدالله اللواني، ولد في طنجة في المغرب 1304م وتوفي 1378، وقضى 28 سنة من عمره في السفر والرحلات، رحلته الأولى كانت للحج عن طريق شمال أفريقيا ومصر التي وصلها أي مصر وهي في قمة حضارتها وتقدمها الثقافي في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، والتي أعجب بها أيما إعجاب، حيث وصفها بقوله: (هي أم البلاد وقرارة فرعون ذي الأوتاد، ذات الأقاليم العريضة والبلاد الأريضة المتناهية في كثرة العمارة المتناهية بالحسن والنضارة، قهرت قاهرتها الأمم، وتمكنت ملوكها نواحي العرب والعجم) وزار ابن بطوطة الشام سنة 1325 وقد وصفها في كتابه بأنها تتفوق على جميع البلدان حسناً وجمالاً،وشبهها بجنة الله على الأرض، كما وصف فيها مقامات الصالحين والأولياء وماءها العذب ونسيمها العليل، وكان وصفاً بديعاً رائعاً يعرف معناه كل من وطأت قدماه الشام. ثم زار ابن بطوطة بلاد فارس والعرب وشرق افريقيا وآسيا الصغرى والقرم وحوض الفولجا الأدنى، ودخل القسطنطينية، ومن هناك سافر إلى خوارزم وبخاري وتركستان وأفغانستان والهند، واستقر في دلهي ثمانية أعوام، وإندونيسيا، وعاد إلى طنجة عام 1347، ثم تبعها برحلتين: الأولى للأندلس عام 1350، والأخرى للسودان 1352عاد بعدها إلى فاس عام 1354، وهناك ألف كتابه الشهير (تحفة النظار وغرائب الأسفار) الذي ترجم لأغلب لغات العالم، ولقد كان الاتجاه الروحي في كل سفرات ابن بطوطة هو الموجه له في مسار رحلاته، وقد تجلى ذلك عند لقائه العدد الهائل من الناس والشخصيات الروحية عند الاسلام أو في الأديان الأخرى، وذكرها بكل عدل واحترام، ذلك الأمر الذي بوأه ومكنه من إنجاح رحلاته وحتى استضافة الملوك والسلاطين له، وكذلك إسناد البعض منهم لابن بطوطة مهام كبرى مثل القضاء والسفارات، فقد كانت لديه قدرة كبيرة على التعايش والاندماج والتسامح وإشاعة هذه القيم بين الشعوب،وقد وفق الله هذا الرحالة حين مكنه الله ومكن نفسه من تدوين كل صغيرة كبيرة وكل شاردة وواردة في رحلاته، حيث وصلتنا اليوم بكثير من الدهشة والاستغراب لما حل ولما وصل إليه هذا الرحالة وبامكانياته المتواضعة، فقد كانت سفرات أو رحلات ابن بطوطة بين الدول والمجتمعات للاطلاع عليها وعلى تفاعل الشعوب فيما بينها، ولم يكن على الإطلاق مرسالاً سلبياً بل كان جوالة إيجابياً لتقارب الشعوب وتعاضدها، حيث يعتبره الكثيرون في العالم هو أول من بادر في حوار الحضارات
لا شك أن ابن بطوطة سيبقى في الخاطر والروح والذاكرة ما دامت تعيش فينا، ولا شك أن هذا الرحالة سيعطينا الأمل نحن بني الإنسان في بث المزيد من روح العزيمة والإصرار والانفتاح والتسامح والعيش المشترك، في زمن نحن أحوج ما نكون إلى تلك القيم.. فالتحية إلى روح ابن بطوطة الرحالة العربي المسلم الأشهر في التاريخ، والتحية موصولة إلى الجمعية المغاربية ابن بطوطة لإعادتها إحياء تراث ابن بلدتها وابن وطنها وابن دينها في مهرجانهم المنتظر، والذي سيعرفنا أكثر على هذا المسافر في التاريخ والأوطان في الذاكرة والبشر والإنسان

You may also like...

0 thoughts on “شرفتي ……. ابن بطوطة رجل الخطوة والفكر والسلام »2«”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحميل المجلة

شرفتي.. المقال الصحفي…… هل ما زال؟!

رئيس التحرير
الدكتور وليد السعدي

Polls

هل انت مع منع لعبة البوكمن في البلاد العربية ؟

Loading ... Loading ...
Facebook
Google+
Twitter
YouTube
Instagram