العنف من عوامل ضعف الحياة الاجتماعية

أليسار فندي

من سمات شخصية كل إنسان ظاهرة أو ظواهر تتحكم في تبديل سلوكه الشخصي الذي ينبع من الداخل أو تأثيراته تكون في المجتمع.. وللعنف سمات خاصة تتركز على إظهار سمة من هذه السمات إما بالشيء المحصور أخلاقياً واجتماعياً، أو بالمعنى العبثي الذي يثير الإنسان ومن حوله.. فللعنف أسبابه وآلياته التي يتميز كل إنسان عن غيره، فنرى أن هناك أحاسيس العنف والتي تكون غالباً داخلية، بمعنى أن الشخص يفكر بطريقة عنيفة، ولكنه لا يطبقها ويتراجع عنها تلقائياً بمحاكمة عقلية اجتماعية، بحيث لا تؤثر على مسار هذه الشخصية الطبيعية، يفكر بالحب والعمل والدراسة، ولكنه أحياناً ما يلجأ بطريقة تفكيره إلى وساوس وردات فعل اتجاه مسيرة معينة بشكل عنيف.. المعنى من ذلك يستحث النفس على تطبيق معايير مخالفة للنظام الاجتماعي، ويهجو أحياناً الصيغة البيئية والأسرية بشكل غير علني كي يخفف عن نفسه معاناة أزمته الحالية، وهذا ما يسمى (العنف الذاتي الداخلي)، والذي لا يؤذي مشاعر الآخر ولا يؤثر على الآخرين.. أما إذا تحدثنا عن العنف المطلق والجزئي فنعرفه بما يلي:
هو ردات فعل مبالغ فيها لألفاظ أو إيذاء جسدي نتيجة مواقف متكررة ولا ترتكز على أنماط السلوك الأسري أو الاجتماعي عن قصد أو غير قصد، ولا تقيم أي اعتبار لمشاعر وأحاسيس الآخر.. فهذا العنف الذي يمارس ضد أي فرد من أفراد الأسرة يجعل منها كياناً متفككاً، ويشحن هؤلاء الأفراد بالخوف وأحياناً بالعدوانية التي تتأصل بتصرفاتهم، ويجعلهم يميلون نحو العنف اتجاه أقرانهم، إن كانوا داخل الأسرة أو خارجها، بحيث يتمثل في تنفيس عن الرعب وحالات القلق الشديد التي يعانون منها، وهذا يؤثر على سمات الشخصية المكتسبة عندهم، بحيث يصبح سلوكاً مستمراً يمارسه بعضهم على أفراد أسرتهم مستقبلاً.. هذا العنف يأتي أحياناً بغرض العقاب أو عن طريق إرسال رسالة معينة تعتمد على سلوك غير إنساني غايتها القهر أو الإخضاع وبعدم احترام كينونة الأسرة المعتمد على الحوار والفهم الآخرين.. هؤلاء الأشخاص العنيفون غالباً ما يفقدون التفاعل الاجتماعي بجميع جوانبه أسرياً ومجتمعياً وعملياً، وتعلم هذا السلوك العنيف هي بالطريقة ذاتها التي يتعلم فيها أي نمط آخر، بحيث يطغى على كافة نواحي سماته الشخصية، هو لا يتجنب الآخرين، ولكنه يضع نفسه بشكل مباشر في المشاكل، بحيث نراه قلقاً عصبي المزاج غير مرتاح لكثير من الأمور، ويسقط الأسباب دائماً على المجتمع، بحيث يبقى أسيراً لتفكيره، لا يخرج بصفات سوية تخرجه من العلاج متاعبه.. إنه سلوك اعتاد عليه وسوف يلازمه فترة طويلة من الزمن إن لم يقدم له العلاج اللازم.. بينما على النقيض نرى أن من تعرض للعنف يمتلك صفات اكتسبها من هذا العنف، فمرآة نفسه من الداخل سيئة وسلبية، ويكبت في نفسه الانفعال مع تجنب الاقتراب من الكبار، ويقيد نفسه بقيود شخصية فالانطوائية هي حارسة القلق النفسي هو مظلته ترى فيه حركات لا ارادية نمطية في جميع أجزاء جسمه، مع بعض الاضطرابات النفسية كنتف الشعر وإيذاء الجسد أحياناً كقضم الأظافر والتنفيس عن ذلك بتناول الأدوية المهدئة والتي توصله إلى الإدمان أحياناً، وهو لا يبدي أية مشاعر عندما يؤذي يتحمل الإهانة أحياناً عن طريق التبلد للمشاعر أو القلق الزائد، وهما نمطان متناقضان.
هل نستطيع لجم العنف؟.. وهل نستطيع أيضاً تبديل هذه السمات الشخصية المكتسبة؟
إن طريقة العلاج تكمن في تعليم السلام الداخلي، وهي مهارة يستخدمها المعالج في إدخال سمة السلام الداخلي، وهي المحصن الأساسي ضد الغضب مع ترويض هذا الغضب، وتجبيره إلى سمات جديدة يعبر فيها الإنسان عن ذاته في قراءة أو بالرسم أو باكتساب المعارف التي تعتمد على الهدوء، وليس على سرعة التفكير وتقدير الموقف، أي بمعنى نخفض عن عتبة الغضب عن طريق الإشعال الذي يحتاج إلى وقت كبير، وليس السرعة بالإنجاز.
والسؤال هنا: من أين لد العنف؟.. ينشأ الطفل في بوتقة أسرية ما، غالباً ما يكون أحد أفرادها عصبياً لا يتحمل السؤال أو المناقشة تكون ردات فعله قاسية.. فنرى الطفل مكبوتاً بأحاسيسه ومشاعره وتصرفاته مهما كانت سوية أو غير سوية، فيكون المعيار هنا هو الضغط الكامل ولا يسمح بردات فعل الطفل لكي يعبر عن نفسه، بل يكون الإهمال له هو السمة الكبيرة، ويستعمل ذكاءه بعد ذلك وحتى قدراته في تسجيل مواقف خارجية للعنف المقابل، فيصبح سلوكه المدرسي غير مقبول، وبالتالي معاشرة أقران له يتبادلون المشاعر نفسها، فلنتصور هنا ما تخطط له هذه الجماعة من أشياء سيئة تجاه الآخرين..
فلتكن أسرتنا محصنة بالصبر والحوار، ولنحترم أطفالنا في جميع أمورهم، ولنأخذ بردات فعلهم بطريقة مناسبة تجعلنا نفهم تطورات نموهم وحياتهم ورغباتهم، ولنكن حكماء في كيفية التعامل لنتجنب سمة شخصية مخيفة في مستقبلهم يظللها العنف.. نكون نحن من رواها بالخصال الحميدة وأنبتها زرعاً لائقاً ومفيداً لنا ولمجتمعنا.

You may also like...

0 thoughts on “العنف من عوامل ضعف الحياة الاجتماعية”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحميل المجلة

شرفتي.. المقال الصحفي…… هل ما زال؟!

رئيس التحرير
الدكتور وليد السعدي

Polls

هل انت مع منع لعبة البوكمن في البلاد العربية ؟

Loading ... Loading ...
Facebook
Google+
Twitter
YouTube
Instagram