مركز راشد للمعاقين .. بيت خبرة عربية

أصبح اسماً لامعاً في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة

مكانة مرموقة يحظى بها مركز راشد للمعاقين على المستوى المحلي والعربي وحتى العالمي، حيث استطاع خلال عقدين من الزمن وأكثر أن يصنع اسماً رائداً في مجال تدريب وتأهيل المعاقين، وأن يحقق قفزات نوعية في طرق علاجهم، بحيث بات المركز بيت خبرة عربية، لما يمتلكه من كوادر فنية وتدريبية مؤهلة، وما يقدمه من برامج تدريبية وتأهيلية للمعاقين، حيث ينضم إلى المركز حالياً أكثر من 300 طالباً وطالبة، ممن ابتلاهم الله بالإعاقة، ليتحولوا بفضل التدريب والاصرار على تحدي الإعاقة إلى نجوم لمعت في سماء الامارات، بعد أن تمكنوا من اثبات قدراتهم في كافة المجالات العملية، ليثبتوا من خلال ذلك قدرتهم على الاندماج في المجتمع على اختلاف فئاته.

أصبح مركز راشد للمعاقين، وجهة يقصدها الجميع من فقهاء ورجال أعمال، وأصحاب الايدي البيضاء، حيث يشرع المركز أبوابه أمامهم، لتعريفهم بقضايا المعاقين وباحتياجاتهم المختلفة، كونهم يشكلون فئة لا يمكن تجاوزها في المجتمع.

خلال العقدين الماضيين، استطاع راشد للمعاقين أن يطور من أدواته، وأن يحقق إنجازات عديدة بفضل  الوعي المجتمعي وشعور رجال الأعمال الإماراتيين والعرب والمقيمين على أرض الإمارات بأهمية الدور الذي ينهض به، خاصة وأنه يخدم في الفترتين الصباحية والمسائية طلبة معاقين من مختلف الجنسيات والأعمار والأديان، بمساواة لا تعرف التمييز، لأن قضية المعاق لا تعترف بالجغرافيا. الاحتراف في العمل أكد على أن مركز راشد بات بيت خبرة عربية في مجال علاج وتدريب وتأهيل المعاقين، ودمجهم في المجتمعات، ما يساهم في تخفيف الكلفة الاقتصادية الباهظة التي كانت الدول والمجتمعات تتحملها نتيجة وجود معاقين فيها لم ينالوا حظهم من التدريب والتأهيل والعلاج.

لقد تمكن مركز راشد للمعاقين خلال مسيرته الطويلة التي قضاها في خدمة المعاقين، التحرر من إطار طرق العلاج الكلاسيكي والتقليدي الذي تتبعه العديد من المراكز المتخصصة بالمعاقين على مستوى المنطقة، ليتبع أساليب جديدة في تعليم وتاهيل طلبته، من بينها العلاج بالموسيقى والفن، والتي أثبتت نجاعتها في تأهيل طلبته ودمجهم في المجتمع، فضلاً عن مساهتمتها في اكتشاف مواهب الطلبة وتوظيفها بطريقة مفيدة جداً لهم، تجعلهم قادرين على التعبير عن أنفسهم وتفريغ طاقاتهم من خلالها، فضلاً عن انها منحتهم الفرصة للتواصل مع المجتمع ومحيطهم.

وبحسب ما تشير إليه الدراسات، فإن العلاج بالموسيقى والفن يعد لوناً من ألوان التعبير الإنساني، تستخدم للتعبير عن النفس، لا سيما وأن الموسيقى والفن والرسم تساهم في سمو الروح، فالموسيقى والرسم لا تعد بالنسبة لهؤلاء المعاقين مجرد أنغام، بقدر ما تتحول إلى وسيلة اتصال مع الاخر، الى جانب كونها تمنحهم لحظات من الصفاء والسكينة، وتتيح لهم تطوير لغتهم، خاصة بالنسبة لاولئك الذين يواجهون صعوبة في التركيز.

نجاح تجربة مركز راشد للمعاقين في برامج التعلم بالرسم، أتت أكلها من خلال ما حققته الطالبة كوكب محسن، التي كافحت وتحدت، وعملت، فنجحت وتميزت، وتمكنت بكل حرفيه من انتزاع الفوز بجائزة التحدي على مستوى الوطن العربي من جامعة جورج واشنطن، وظفرت ببطولة قصة نجاح أخرى لذوي الاعاقة، بعد تغلبها على إعاقة «الصُّم»، وإبداعها في الرسم التشكيلي.

اعتماد مركز راشد للعماقين لطرق العلاج بالرسم، جاء إيماناً منه بأن السماح للطفل المعاق بممارسة التربية الفنية، يعني السماح له بأن يكون عضوا مؤثراً في بيئته المحيطة به، من خلال ما تتضمنه أعماله الفنية، من وجهة نظر خاصة لا تتشابه مع الآخرين، وهذا يختلف عن بقية المواقف الحياتية الأخرى، التي يكون فيها هذا الطفل نفسه متأثراً بالآخرين طوال الوقت، ومعتمداً عليهم، إن ممارسة التأثير في الآخرين، والتأثر بهم، تحدثان نوعاً من الاتزان الانفعالي لدى هذا الطفل، فضلأ عن أن التعبير الفني يعد وسيلة مهمة يستطيع الفرد من خلالها أن يعبر وينفس عن صراعاته ومشكلاته، عن شعوره ولا شعوره، ودوافعه دون أن يلجأ إلى عمليات الضبط أو الحذف لكل ما يراه غير ملائم للتعبير، كما يحدث في وسائل التعبير الأخرى، وما يصاحب هذه العمليات نوع من الإشباع البديل للدوافع.

وإلى جانب العلاج بالفن، فقد اعتمد مركز راشد للمعاقين، برامج التدخل المبكر، التي تعد الأكثر فاعليه في تحفيز النمو الطبيعي للطفل، وذلك بحسب ما توضحه معظم الدراسات العلمية التي تشير أيضاً إلى أنها تساهم في تدريب الأم على طرق مساعدة طفلها على التطور والنمو واللعب. وتعتبر برامج التدخل المبكر المقدمة للأطفال المتأخرين نمائياً والمعاقين منذ الولادة وحتى الخامسة من العمر على درجة كبيرة من الأهمية، حيث تعود بالفائدة على الطفل وتساعده في تنمية قدراته والتفاعل مع المحيطين.

وتهدف برامج التدخل المبكر التي تكون موجهة للطفل إلى تحقيق التواصل أو التعلم. أما البرامج الأخرى التي تكون موجهة للوالدين والأسرة فتهدف إلى تعليمهم كيفية التغلب على تلك الصعاب والمشكلات التي يمكن أن تحول دون تحقيق أطفالهم للتواصل أو التعلم، وهو الأمر الذي تنطوي عليه البرامج المجتمعية أيضاً، ويضاف إليها هدف دمج هؤلاء الأطفال مع غيرهم سواء من المعوقين أو العاديين. وقد تمكن مركز راشد للمعاقين من تحقيق نتائج واضحة من خلال هذا البرنامج، لا سيما وأن المركز يعتمد فيه على التنسيق مع الأهل بصورة مباشرة، وقد نجح البرنامج في الحاق مجموعة من إبناء المركز بالروضات النظامية، ليمارسوا فيها حياة مليئة بالنشاط والمرح.  

ولمواجهة المشكلات التي يعاني منها المعاقون بشكل عام، ومساعدتهم في تدبر شؤون حياتهم، بالاعتماد على انفسهم، فقد راعى المركز خلال وضعه لمجموعة برامجه العلاجية، خدمة معظم الأطفال الذي يعانون من صعوبات في التعلم أو النطق أو السمع أو الصعوبات الحركية، وغيرها، وفي هذا السياق، أطلق المركز مجموعة من البرامج الفاعلة التي تساعد طلبته على تجاوز إعاقاتهم، والتفاعل مع البيئة المحيطة بهم. ومن بين هذه البرامج، “برنامج صعوبات التعلم” المخصص لخدمة شريحة الأطفال الذين يعانون من مشكلة صعوبات التعلم، بمستوياتها المتوسطة والعالية، والأطفال الذين يعانون من صعوبات حركية بسيطة، حيث يتضمن هذا البرنامج 10 صفوف، بعضها ناطقة بالعربية فيما الاخرى مخصصة للناطقين بالإنجليزية، بهدف مراعاة حقوق جميع الأطفال، وخصص المركز لكل صف منها معلمة تربية خاصة ومساعدة معلمة، إلى جانب فريق دعم من أخصائي العلاج الطبيعي والوظيفي وعلاج النطق واللغة، الذين يعملون مع الأطفال في جلسات علاج فردية وفي مجموعات لتقديم الخدمة المتكاملة.  ويقوم الفريق العامل يومياً بتصميم برنامج عمله بطريقة مبتكرة تهدف إلى توفير الفائدة القصوى للأطفال الذين يتراوح عددهم بين 6 – 10 أطفال في كل صف.  ويتضمن “برنامج صعوبات التعلم” أيضاً خدمات ومرافق أخرى للأطفال مثل غرفة الألعاب ذات الجدران اللينة، وقاعة الرياضة، والمسبح، والمكتبة، وغرفة الفنون الجميلة، والمطبخ، وغرفة الموسيقى، بالإضافة إلى بيئة لعب محمية ومناسبة للأطفال الصغار. علماً بأن البرنامج لا يقتصر فقط على موظفي المركز فقط، وانما يعمل فيه مجموعة من المتطوعين من مختلف الجنسيات، الذين يساعدون في بعض الأنشطة مثل السباحة والموسيقى أو حتى داخل الصف بتوجيهات من معلمة التربية الخاصة.

ومن جهة أخرى، يقدم المركز برنامجاً اخر يعمل على التحفيز اللغوي لدى الأطفال الذين يعانون من مشكلات في النطق واللغة، ويشمل الأطفال الناطقين بالعربية أو الانجليزية، والذين يتم الحاقهم في جلسات جماعية أو فردية، بحسب حالتهم، بهدف خلق بيئة قادرة على تحفيز مهارات التواصل لدى الأطفال. العلاج في قسم النطق واللغة، يركز على أحد جوانب مهارات التواصل مثل الاستماع. وأخذ الدور، والفهم، واللغة التعبيرية، والمفردات، والنطق، واضطرابات الصوت والطلاقة. في حين يتم تدريب الأطفال ممن لا يمكنهم التواصل بالكلام، على استخدام نظام تواصل بديل، مثل لغة الإشارة، أو نظام التواصل بالرموز المصورة، أو وسائل التواصل البصري مثل استخدام الصور لدعم التعبير عن البرنامج اليومي في الصف لمساعدة الأطفال على الفهم.

وفي اطار خدماته المقدمة للمعاقين، اعتمد المركز في عمله برنامجاً أخر خصص لأولئك الذين يعانون من الصعوبات السمعية، التي تتراوح بين متوسطة إلى شديدة، حيث يقدم من خلاله مجموعة من الخدمات التعليميه التي يعتمد فيها على المنهج البريطاني، ويهدف عبر هذا البرنامج إلى تفعيل القدرات السمعية المتبقية للأطفال بحيث تساعدهم على الكلام باستخدام المعينات السمعية، وبخصوصية غرف الصف، التي تتمتع بعزل صوتي تام يفصلها عن أية ضوضاء خارجية، ليتمكن الطلاب من استخدام السمع وإنتاج الكلام الصحيح بحسب التدريبات المعطاة.

برامج المركز تشمل أيضاً “الفنون التطبيقية”، والذي يعد أحد البرامج الاضافيه الداعمة للاطفال المعاقين، بهدف تطوير مهاراتهم، ولأجله  قامت الادارة بتزويد المركز بمكتبة تضم مجموعة مختارة من الكتب المصورة والمعدلة التي تتناسب واحتياجات الأطفال باللغتين العربية والإنجليزية.

مركز راشد للمعاقين، يعمل ايضاً على صقل مهارات طلبته الحركية، ولذلك انشئت ادارته مسبح وقاعة رياضة، وقاعة أخرى مجهزة بمجموعة أجهزة رياضية تمكن الأطفال من ممارسة برنامجهم الحركي مع معلم تربية رياضية متخصص، ويتضمن المركز أيضاً استوديو الدراما الحركية، يشرف على تدريب الأطفال وإشراكهم في المسرحيات، ويتدربون فيه على مبادئ الرقص التعبيري، والتمثيل الصامت واستخدام الدمى المتحركة، حيث يمكن عبر الدراما الحركية دعم العلاج الجماعي والفردي للتخصصات الأخرى كعلاج النطق واللغة.

وفي اطار تطوير طرق التعليم التي يعتمدها المركز، فقد اعتمدت ادارته طرق علاج مختلفة تهدف الى تمكين المعاق من التغلب على اعاقته، وما يواجه من تحديات حركية قد تقف عائقاً أمام ارادته، ولذلك نجد لدى المركز، برنامج مجموعات التعليم المدمج والمتكامل، والذي يرتكز على مبادئ التعليم الايصالي، الذي يعد من أحدث المناهج التعليمية التي تجمع بين التعليم الأكاديمي والعلاج للأطفال ذوي التحديات الحركية، فضلاً عنه أنه يتميز بقدرته على مساعدة الطفل على تطوير وتعزيز مهاراته المختلفة وتوظيفها في الحياة اليومية ليتمكن من الاعتماد على نفسه في نطاق البيئة المحيطة به.

وقد خصص المركز لهذا البرنامج، 3 صفوف تضم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 – 11 سنة، ويتم في هذا البرنامج تحفيز الطفل وتشجيعه بتعلم المهارات الحركية الكبرى مثل المشي والمهارات الدقيقة مثل استخدام المقص، وتوظيفها في مهارات العناية بالذات، كالأكل وإرتداء الملابس وغسل الأيدي واستخدام الحمام. كما يحرص البرنامج على تحفيز القدرات الإدراكية والمعرفية للأطفال وتنميتها باستخدام التكنولوجيا الحديثة وطرق أخرى، بهدف جعل المنهاج الأكاديمي سهل التناول للأطفال. علماً بأنه يتم إجراء بعض التسهيلات في البيئة الصفية لهؤلاء الأطفال، ورغم أن التجهيزات الخاصة فيها محدودة إلا إنها تعوض بالمساعدة من الكبار التي يتم التحكم بها تدريجياً لتعليم الأطفال أقصى درجات الاعتماد على النفس.

2016-12-28-PHOTO-00004628 2016-12-28-PHOTO-00004631 2016-12-28-PHOTO-00004632 2016-12-28-PHOTO-00004619 2016-12-28-PHOTO-00004620

You may also like...

0 thoughts on “مركز راشد للمعاقين .. بيت خبرة عربية”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحميل المجلة

شرفتي.. المقال الصحفي…… هل ما زال؟!

رئيس التحرير
الدكتور وليد السعدي

Polls

هل انت مع منع لعبة البوكمن في البلاد العربية ؟

Loading ... Loading ...
Facebook
Google+
Twitter
YouTube
Instagram