وعاد بأمر قضائي!! البوركيني.. لباس يثير الجدل في أوروبا

إعداد – ماهر سالم

مجرد لباس نسائي للسباحة أصبح الشغل الشاغل في بعض بلدان أوروبا بين مؤيد ومعارض ومانع بالمطلق أن ترتديه السيدات ولو كان بدافع الاحتشام أو اعتباره موضة عصرية في عالم الأزياء، الأمر الذي أثار الاستغراب لما خلفه هذا الزي من ضجة رسمية واجتماعية ولتلحق به الاتهامات على أعلى المستويات، مما نتج عنه اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي بموجة عارمة من الانتقادات والتعليقات الغاضبة والساخرة بعد انتشار مشهد عرضته وسائل إعلام أجنبية وتداوله ناشطون يظهر رجال الشرطة على أحد الشواطئ وهم يجبرون امرأة على خلع البوركيني، أو ما يسمى لباس السباحة الشرعي، تطبيقاً للقانون الجديد الذي يحظر لبسه على شواطئ عدة مدن فرنسية.

وبذات الصدد اتهم مغردون فرنسا (بلد الحريات) بمنع الحرية، إذ إنها تجبر النساء على عدم ارتداء زي معين، وهو الأمر الذي لا يختلف كثيراً عن اعتراضها على إجبار النساء على ارتداء زي آخر.. كما اتهموا مؤسسات حقوق الإنسان والحريات بالتخاذل في انتقاد القرار الفرنسي وبصورة تناقض تعاملهم مع الدول العربية والإسلامية في ما يتعلق بالمرأة وقضاياها، كما وصفوا مشهد إجبار المرأة على خلع ثيابها بأنه مستفز لكل مؤمن بحرية الإنسان وبارتداء أو خلع ما يريد من أقمشة، وأنه تصرف غير مقبول ولا يمت للحرية بصله.
تعليق مصممة البوركيني
بعد كل هذا الجدل الذي أثاره البروكيني -ولا يزال- والكم الهائل من الصور التي انهالت على مواقع التواصل الاجتماعي فاتحة النقاش على مصراعيه، ها هي مصممة البوركيني (تبق البحصة) كما يقال.
ودافعت عايدة مسعود زناتي الأسترالية اللبنانية الأصل مصممة هذا اللباس عن فكرتها في مقال مطول في صحيفة الغارديان البريطانية عن تصميمها قائلة: إن البداية التي تعود إلى عام 2004 وإن الفكرة برمتها بدأت حين واجهت ابنة أختي بعض المشاكل في الانخراط ضمن فريق كرة الطائرة في مدرستها وكان على أختي الكفاح لاحقاً من أجل انتزاع هذا الحق لابنتها المحجبة.
وتابعت أنه عندما قبلت الفتاة ضمن الفريق الرياضي ذهبت العائلة لتشجيعها، ولكن عايدة لم تشعر بالارتياح حين رأت ابنة أختها بلباس غير مناسب للرياضة وتتصبب عرقاً، فخطرت الفكرة ببالها وتساءلت حين عادت إلى منزلها لم لا تصنع لباساً يناسب النساء المحجبات أكثر، لاسيما في الأنشطة الرياضية.
مجرد لباس سباحة
وأضافت عايدة، البالغة من العمر 48 عاماً وأم لثلاثة أولاد: إن هذا الزي المثير للجدل في فرنسا وأستراليا يشكل أداة اندماج للمسلمات المتدينات، ويتيح لهن التمتع بشكل تام بالسباحة.
وقالت إنها صممت قبل أكثر من عشر سنوات في سيدني هذا الزي الذي يغطي الجسد من الرأس إلى أخمص القدمين بهدف تمكين المسلمات من التمتع بالشاطئ مع احترام مفهومهن لديانتهن.. وقد جربته بنفسها وارتدته لأول مرة وذهبت فيه إلى البحر، ولأول مرة اختبرت هذا الشعور الرائع حسب توصيفها بالسباحة وبالحرية.
وشددت على أن: الشاطئ وركوب الأمواج والشمس تمثل جزءاً من الثقافة الأسترالية، ولدي إحساس بأنني حرمت من هذه الأنشطة خلال فترة شبابي.
وتابعت: البوركيني لباس صممته لإعطاء الحرية للمرأة المسلمة المحجبة وليس لأخذها منها.
يذكر أن عايدة تعرفت إلى ديمتري زناتي وهو يوناني اعتنق الإسلام حين اقترن بها فأنجبت منه ابنين وابنتين.. وفتحت أول متجر لها في سيدني في 2005، ومنذ ذلك التاريخ باعت أكثر من 700 ألف بوركيني، وهي تزود تجار جملة في سويسرا وبريطانيا والبحرين وحتى جنوب إفريقيا.
أعمال شغب في سيدني
وترافق ظهور هذا اللباس مع أعمال شغب عنيفة اندلعت على شاطئ كرونولا بسيدني بين شبان من أصول شرق أوسطية وأستراليين أرادوا استعادة الشاطئ.. وكان لأعمال العنف هذه وقع الصدمة في أستراليا، ما دفع جمعية المنقذين (سورف لايف سيفينغ أستراليا) إلى تنويع السباحين الذين توظفهم والبدء في توظيف مسلمين.. وتلقت الزناتي بعدها طلبية من هذا اللباس باللونين الأصفر والأحمر، وهي ألوان جمعية المنقذين.
أصل الكلمة .. بكيني
أما عن الكلمة وكيف اخترعتها، فأكدت أنها مجرد كلمة اخترعتها لتسمية منتج صنعته، وأنه لم يخطر في بالها أنه (برقع للشاطئ)، فهي تربت في أستراليا، وبالتالي لم تكن الكلمة ضمن مفهومها أو ما هو مألوف في مجتمعها، كما أن البرقع -بحسب قولها- غير مذكور في القرآن، لكنها أرادت الدمج بين ثقافتين، فاختارت كلمة برقع، وبحثت عنها لتجد أنه نوع من الغطاء الكامل فدمجت الكلمة مع (البيكيني)، وبالتالي أبدت أسفها إزاء النظرة السلبية لهذا اللباس في فرنسا.. وقالت إن السياسيين الفرنسيين يستخدمون كلمة بوركيني كمصطلح سلبي، في حين أنها مجرد كلمة.. إنه لباس يهدف إلى تشجيع النساء على التسلية والمرح والرياضة وهذا هدفه.
زي للياقة والفرح
وتقول عايدة: لا أعتقد أن على الرجال القلق كثيراً إزاء ما نرتديه كنساء، فلا أحد يجبرنا على فعل ما لا نريده، هذا خيارنا.
وعن الجدل الحاصل تحديداً في فرنسا، قالت: أتمنى لو كنت هناك لأقول لهم لقد فهمتم الأمر بشكل خاطئ، لقد أخذتم منتجاً يرمز إلى اللياقة والفرح وحولتموه إلى منتج للكراهية والتعصب، لدينا ما يكفي من المشاكل في العالم فلماذا تخلقون المزيد منها؟. وفي كلمة لمؤيدي حظر البوركيني قالت: أنتم تعزلون الناس وتبعدونهم وتقولون للنساء عدن إلى منازلكن.
انتقاد مثقف
من جانبه انتقد الكاتب شين أوغرادي مسؤولين فرنسيين وقال إنهم يتخذون قرارات تعسفية بشأن ما يجب أن ترتديه النساء المسلمات على شاطئ البحر، وقال إن حظرهم لما يعرف باسم البوركيني أو ما يطلق عليه لباس البحر الشرعي للمسلمات، ويشار إلى أن عمدة مدينة كان ومسؤول بمنطقة فيلنوف لوبيه وعمدة كورسيكا حظروا ارتداء البوركيني بدعوى مخالفته تقاليد العلمانية الفرنسية العريقة.
قضية جدلية
ومثل الكثيرين من زملائه وغالبية الشعب الفرنسي، لا يتفق جان كريستوف بلوكين، كاتب الرأي في صحيفة لا كروا مع وجهة النظر تلك في المنع والاعتراض.
ويقول: في فرنسا من حق كل شخص أن يرتدي ما يروق له طالما كان ملتزماً بالقانون، وبالتالي كل شخص من حقه أن يرتدي البوركيني إذا أراد.
ويضيف: لكن هذا لا يعني أن نكون ساذجين.. فالبوركيني يقدم رؤية انعزالية للمجتمع ويمثل ضغطاً على النساء الأخريات في المجتمع الإسلامي في فرنسا.
البوركيني ينتصر
وبعد جدل وجدال بات في وسع النساء المسلمات ارتداء البوركيني بحرية في فرنسا، حيث حسم مجلس الدولة الفرنسي الجدل الدائر في البلاد حول لباس البحر الإسلامي، مؤكداً تعليق قرار منع ارتداء البوركيني في الشواطئ الفرنسية.
وأصدر المجلس الذي يعد أعلى سلطة قضائية إدارية في البلاد قراراً يلغي حظر البوركيني الذي فرضته بلدة فيلينوف لوبيه الساحلية وينطبق على 30 بلدية أخرى اتخذت القرار ذاته.
وجاء قرار المجلس بعد الطعن الذي قدمه محامو منظمتين حقوقيتين قائلين إن الحظر ينتهك حقوق الإنسان، وأن رؤساء البلديات تجاوزوا صلاحياتهم بشأن حرية الملبس.
وبدوره تحدث الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للمرة الأولى حول البوركيني، داعياً إلى عدم الاستسلام إلى الاستفزاز ولا إلى التمييز في البلاد التي تضم عدداً كبيراً من المسلمين في أوروبا.
بعد المنع .. مبيعات البوركيني تزدهر
وكانت فرنسا قد شهدت ارتفاعاً لافتاً في مبيعات لباس السباحة الطويل المعروف بـالبوركيني مؤخراً، على الرغم من صدور قرار يحظره بعدد من شواطئ البلاد.
وتقول أهيدا زنيتي، وهي مصممة أسترالية في فرنسا، إن محلها تلقى 60 طلبية للبوركيني عبر الإنترنت، وإن غالبية النساء اللائي طلبن لباس سباحة طويل من المحل لسن من المسلمات.
وتضيف المصممة التي كانت تتلقى في المعتاد 12 طلبية في اليوم الواحد أنها تلقت عدة رسائل تضامن ومساندة بعد قرار منع البوركيني.
رجل أعمال جزائري يدفع غرامات البوركيني
وكان رجل الأعمال الجزائري رشيد نكاز قد قرر دفع جميع الغرامات المتعلقة بقرار المحكمة الإدارية الفرنسية القاضي بمنع النساء من ارتداء زي البحر المعروف بـ(البوركيني) في الشواطئ.
وقال رشيد نكاز في تدوينه نشرها على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إنه مستعد لدفع كل الغرامات، مضيفاً أن هذه المبادرة لا تعني أنه يدعم ارتداء النقاب والبوركيني.
وعبر عن سعادته بتفاعل العالم بأكمله مع هذه البادرة، مشيراً إلى أنه سيواصل هذا العمل الخيري في المستقبل..
استبيان قبل تصميم الزي
قبل إطلاق الزيّ قامت مصممة الزي بطرح عدة أسئلة استبيانية كي أتبين آراء الناس: هل قد تفكرين بارتداء شيء كهذا؟ هل قد يشجعك هذا الزيّ على المشاركة في أنشطة أكثر؟ هل ستلعبين المزيد من الرياضة أو تسبحين؟..
وقالت: كثيرون من الجالية المسلمة التي أعيش وسطها وقعت في حيرة من أمر هذا المنتج، لكني طورته تجارياً وكونت تجارة جيدة.. وقد حظي باهتمام الجميع عندما طورت Surf Lifesaving Australia ، وهي جمعية غير ربحية تعنى بسلامة السباحين وحمايتهم من الغرق، برنامجاً كي تدمج الشباب والشابات من المسلمين ضمن نشاطها في إنقاذ السابحين، وذلك عقب الشغب الذي دار في كرونولا، فقد كان من ضمن البرنامج فتاة مسلمة شابة أرادت المشاركة في الحدث، وكانت ترتدي البوركيني.

3three 4four 5five 6six

You may also like...

0 thoughts on “وعاد بأمر قضائي!! البوركيني.. لباس يثير الجدل في أوروبا”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحميل المجلة

شرفتي.. المقال الصحفي…… هل ما زال؟!

رئيس التحرير
الدكتور وليد السعدي

Polls

هل انت مع منع لعبة البوكمن في البلاد العربية ؟

Loading ... Loading ...
Facebook
Google+
Twitter
YouTube
Instagram