لطالما ارتبطت الموسيقى بالمشاعر فبمجرد سماعها يمكن أن تشعر بالفرح أو الحزن أو الغضب أو كافة هذه المشاعر كما أن للموسيقى مكانة كبيرة في حياة الكثيرمن الأشخاص حول العالم وهي كما يصفها بيتهوفن نوع من الوحي قد يكون أعمق من الحكمة والفلسفة لكن هل يمكن أن تكون هذه الموسيقى ليست فقط للاستمتاع بها بل أيضا للشفاء من حالة مرضية معينة. بيت العود وبحضور مؤسسه الاستاذ نصير شمه أقام محاضرة مع الدكتور مفيد رؤوف اختصاصي في الطب النفسي شرح فيها كيف يمكن للموسيقى أن تكون الدواء والعلاج الشافي لأمراضنا ضمن منهج أكاديمي يسمى العلاج بالموسيقى.
وفي كلمة خاصة مع الاستاذ نصير شمة أفاد فيها بأننا نعيش في الإمارات وفي أبوظبي تحديدا التي استوعبت أشياء جديدة وكثيرة في كل المجالات إضافة إلى أن هناك دور رعاية كثيرة بحاجة إلى تخصص العلاج بالموسيقى لذلك أعلن عن عزمي افتتاح قسم للعلاج بالموسيقى في بيوت العود يضم أطباء متخصصين في هذا المجال و يمكن إرسالهم إلى مراكز التوحد وكبار السن والمراكز التي تعنى بالأطفال المتأخرين بالنطق والمشافي للاستفادة منهم في العلاج.
وأضاف : إن العلاج بالموسيقى ليس من اختراعنا وقد أخذ اهتماما كبيرا في العالم الغربي ولكن لم يكن له نفس الحظ في العالم العربي على الرغم أنني بدأته به في حوالي عام 1993عندما قررت أنا ووزير الصحة العراقي آنذاك والذي كان أيضا عازف كمان بتخصيص طابق في احدى المشافي للعلاج بالموسيقى وقد لاحظنا أن نسبة قبول الجسد للعلاج تختلف بنسبة 30 إلى 40 % عن الطوابق الأخرى حتى اندماج الجروح كان يحدث بسرعة أكبر
وكإنسان مبدع وعاشق للموسيقى ختم نصير شمة حديثه مع مجلة المنارة مؤكدا على أن الموسيقى هي بلسم في كل مراحل الأنسان لذلك بدأت في المعابد حتى الجنة توجد فيها موسيقى مكافأة للمؤمنين ومن يخاف على أولاده من التطرف والمخدرات ومن الضياع فليعلمهم الموسيقى لان الموسيقى تقودهم إلى صفاء العقل والأفكار وعدم التهور وتقودهم أيضا إلى العلم والذكاء و تساعد في تكوين شخصيتهم.

أما عن العلاج بالموسيقى فقد شرح الدكتور مفيد رؤؤوف اختصاصي في الطب النفسي أساليب وطرق هذا النوع من العلاج موضحا كيف أن الموسيقى هي النشاط الذهني الوحيد الذي يشغل جانبي المخ ومشددا على أهمية ودور الموسيقى في تشكيل كل ما يخص الإنسان كهويته وثقافته وإرثه الحضاري ومعتقداته الروحية وهي وسيط قوي يؤثر بالانسان بشكل سلبي أو إيجابي وشرح الدكتور مفيد أيضا عن العلاج بالموسيقى و كيف يحدث من خلال جلسات علاجية موسيقية تحدث تفاعلا بين المعالج والمريض كما شرح تاريخ العلاج بالموسيقى وكيف كان يستخدم في المعابد وفي زمن أبو قراط وأفلاطون وأرسطو والفارابي وصولا إلى القرن الثالث عشر حيث أصبحت المستشفيات تضم غرف للعلاج بالموسيقى وخاصة للحالات النفسية وكان الرواد فيها الكندي وابن سينا والرازي أما في التاريخ المعاصر فقد بدأ العلاج بالموسيقى بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن بدأ الموسيقيون يتطوعون للعزف للجرحى ولاحظوا تحسنا ملحوظا في حالاتهم وهنا بدأ التعمق بموضوع العلاج بالموسيقى إلى أن أقرت جامعة مشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1944 أول منهاج أكاديمي للعلاج بالموسيقى لتتأسس بعدها في عام 1950 أول جمعية أميركية للعلاج بالموسيقى.
وقد أكد الدكتور مفيد من خلال محاضرته على أن الموسيقى تساعد الأشخاص على إعادة التواصل مع أنفسهم والآخرين وتكوين علاقة تشافي مع المعالج بالموسيقى عبر استخدام الموسيقى وعبر جلسات فردية أو جماعية وليس هناك من ضرورة أن يتمتع الشخص بالمهارات الموسيقية لكي يستفيد من العلاج ويمكن استخدام كافة أنواع الموسيقى في العلاج لكن ذلك يعتمد على تفضيلات الشخص وثقافته وأن العلاج بالموسيقى يمكن أن يطبق في المستشفيات العامة والنفسية وفي برامج رعاية كبار السن وبرامج معالجة الإدمان ومؤسسات الرعاية طويلة الأمد ومراكز رعاية ذوي الإعاقة ومؤسسات التأهيل الطبي .
ومن ضمن الحضور كان هناك أشخاص لهم تجاربهم الخاصة مع العلاج بالموسيقى
ماري حاطوم: ولد طفلي في أواخر الشهر الخامس واحتاج إلى حاضنة لاكتمال نموه وعلاج في قسم العناية المشددة ولاحظ الأطباء من خلال غنائي له بشكل يومي ومستمر تفاعل ايجابي واستقرار في وضعه والآن ابني عمره 10 سنوات وهومن الأشخاص المبدعين ويتمتع بصحة جيدة.

محمد أبو بكر 69 سنة: العلاج بالموسيقى يخفف الآلام أيضا فانا لي تجربتين الأولى عند وفاة والدتي حيث جعلتني الموسيقى اشعر بأنني لست بحاجة إلى مواساة كما أنها الوحيدة التي أخرجتني من حزني . والتجربة الثاني كانت بعد أن أجريت عملية جراحية منذ 4 سنوات فكنت استمع إلى الموسيقى بصوت عالي وأغني بصوت عالي ما ساعدني على التعافي بطريقة سريعة ومذهلة.

طارق المنهالي: لي تجربة مع أخي المصاب بمرض التوحد الخلقي وهو أصغر مني بسنتين وقد تربينا في بيت يهوى الموسيقى وكانت تجربتنا مع الموسيقى بسيطة من خلال أغاني الرسوم المتحركة وأخي كان يعاني من صعوبة كبيرة في النطق إلى أن اكتشفنا أنه متأثر بأغاني الرسوم المتحركة وكفنان وعازف أصبحت أعزف وأغني له بشكل يومي أغاني الرسوم المتحركة والحمدالله تحسنت حالته والآن هو متزوج ويتحدث بشكل جيد لكن باللغة الفصحى التي هي لغة الرسوم المتحركة.