سيمون حدشيتي: كثير من النجوميات صنعت بالتزييف

يعمل ببطء، لكنه يقدم الأفضل

حاورته – إلهام أبو جودة

فنان يأتي من الأصالة، ويفرش طريقها بالتعب والثقافة والعشق اللامتناهي، لكي تستمر، وتبقى.
لم يأت كما كثيرين من برامج تفقيس النجوم، منذ بداية شبابه احترف الغناء، ودرس الموسيقى، ونمى ذائقته مصغيا إلى أصوات الكبار.
أغنيته الأولى نجحت فوضعته على أول الطريق إلى قلوب الناس، وما جاء بعدها من أغانٍ لا يقل عنها جاذبية، بل تجاوزها إلى أغنيات حملته خارج الحدود اللبنانية ليصبح جمهوره عربيا بامتياز.
صريح ودافئ وصادق في البوح، والمنارة تحاورت معه من قلب لقلب، فكانت أجوبته موسيقى لوجدان نبيل.. سيمون حدشيتي قال الكثير، ونحن كتبنا نثار النبض:

• لنتحدث عن بداياتك مع الفن، متى كانت الخطوة الأولى، ومن الذي شجعك وقدم لك الدعم؟.
•• بدأت مسيرتي الفنية سنة 1987 تقريبا، وكنت في عمر السادسة عشرة من عمري، تلقيت التشجيع من الأهل وتحديدا والدتي وتشجيعها رافقني منذ طفولتي، أنا لم أتخرج من أي برنامج فني لا من استديو الفن ولا من سواه، درست الموسيقى وبدأت أعمل أغاني خاصة بي وكانت أول أغنية لي (أنا ليّ في حبن ميل) سنة 1987، والأغنية تلك نالت الناجح منذ أطلقتها.
• لو أنك تخرجت مثل نجوم آخرين من استديو الفن أو غيره، وتعلم ما تقدم تلك البرامج للفائزين، ما الذي كان سيختلف؟.
•• ربما لو حصل هذا الأمر منذ البدايات، لكان أفادني وقدم لي الدعم، وأنت تعرفين أن تلك البرامج تقدم الكثير من التسهيلات والخدمات للمتخرجين منها، ولا يكفي التخرج من تلك البرامج إذا لم يرافقه دراسة للموسيقى، وشغف بها كبير، ومقدرة على الاختيار الصحيح للأغاني، لكنني لست نادما أبدا، عملت على صناعة نفسي، تعبت، ولا يهمني أن أتعب أكثر، طالما أنا على الطريق الصحيح، وطموحي لا يتوقف عند حدود وأنا سعيد جدا بما أنا عليه.
• منذ تلك البدايات، أي أغنية وضعتك على الطريق الصحيح ومتى شعرت أنك تصنع هويتك الخاصة ؟.
•• أول أغنية عملتها، أنا ليا بحبن ميل، الأغنية اللبنانية، شعرت أن الناس تقبلتني بشكل جيد، وكرت المسبحة، وصوتك حبيبي حققت الانتشار العربي، عرفني من خلالها الناس خارج لبنان، ومنها بدأت هويتي الخاصة بالوضوح، ومن الضروري أن نحافظ على هويتنا اللبنانية، حين نغني، ونلتزم بها لهجة وموسيقى، وهذا طبيعي، فالفنان المصري يحافظ على مصريته، والفنان الخليجي يفعل الأمر ذاته، وحين يغني كل فنان بلهجة بلده يكون بذلك يشجع فعلا على تكريس فن بلده في كل مكان، ولا أرى في الوقت ذاته أن نغني بغير لهجات، طالما الجمهور العربي صار واحدا، وطالما اللهجات كلها صارت مفهومة، شرط أن نتقن فعليا اللهجات التي نغني بها.
• كيف يرى سيمون حدشيتي الأغنية اللبنانية اليوم، الأغنية التي بلغت اوجها مع الرحابنة وفيروز ووديع والصبوحة وزكي ناصيف، ثم اختل التوازن.. وصار رسلها اليوم نجوم تم تصنيعهم بقدرة قادر، هل هي على قياسات الطموح، هل تتقدم أم تتراجع؟.
•• أنت تقولين نجوم صنعوا بقدرة قادر، هذا أكيد، لأن كثيرا من النجوميات صنعت بالتزييف، ولأنها كذلك انحدرت الأغنية اللبنانية في كثير من مراحلها، لكني أقول رغم ذلك إن الأغنية اللبنانية بدأت تستعيد عافيتها منذ خمس سنوات وتستمر، وتحقق المراتب الأولى على صعيد العالم العربي.
هناك انحدار في الفن، لكن في المقابل هناك مجموعة كبيرة من الفنانين والفنانات الشباب يقدمون نتاجا متوازنا وجميلا، على صعيدي الخاص حاولت أن أتميز بأغنياتي، وفي السنوات الماضية الأخيرة قدمت الكثير من الأغنيات التي أعتز بها مثل أنا والغرام، وأغنية على فكرة، وهما قريبتان لمدرسة وروح ملحم بركات.
لا خوف على الأغنية اللبنانية، طالما هناك مطربون مصرون على الأفضل ومهتمون بها، ينذرون فنهم من أجلها لكي تبقى وتتميز وتستمر، وأنا هنا أتحدث عن الكلام واللحن والتوزيع معا.
• كيف تتعامل مع الأغنية، هل تساهم في صناعة أغنيتك الخاصة، قبل أن تتشكل، أم تختار من أغنيات وألحان جاهزة؟.
•• للإجابة على هذا السؤال عليك أن تسألي الشعراء والملحنين والموزعين والموسيقيين الذين أعمل معهم، أنا أقضي أكثر من نصف وقتي في الاستديو، أبحث وأسمع، وأطلب من الشعراء أن يكتبوا أغنيات على قياس أفكار أريد غناءها.
إذا لم تضف الأغنية الجديد لعالم الموسيقى والفن، فأنا لا أغنيها، أي لحن ملطوش من هناك وهنا، أبتعد عنه، والأمر ذاته مع الكلام، فأنا أبحث عن مواضيع لم تستهلك، وأحس بها، لكي أكون صادقا مع أغنيتي حين أقدمها للناس.
أغنيات وألحان وقصائد كبيرة تعرض علي، وأسمعها، وإذا لم أقتنع بها، بالطبع أرفضها، لهذا أقول أنا أشارك في صناعة أغنيتي، وأتفرغ من أجل أن تأتي على قياس الطموح.
• هل سبق وقدمت أغنية وندمت عليها، وهل أحسست وأنت تسمع أغنيات الزملاء، أنك كنت تريد تلك الأغنية أو هذه لك؟.
•• أن أكون نادما على أغنية قدمتها، أقول بكل صدق لم أشعر مرة بالندم، لكن أحيانا أقول ليتني تعاملت مع ذاك النوع، لأنه كان سيعبر بتوزيعه للأغنية أكثر من هذا، أو أن هذه الأغنية تليق بهذه الموسيقى أكثر من تلك، أو لو أنني أنزلتها بهذا الموسم وليس بموسم آخر، وأعترف أن هناك أغاني كثيرة أحببتها وهي لغيري، وليس هذا من باب الغيرة، ربما أكون أوصلتها أفضل من الذين قدموها، لأنهم لم ينجحوا بإيصالها، ومع ذلك لا أحسد زميلا، وأتمنى التوفيق للجميع.
• هل تؤيدني أن مسألة المشاركة في المهرجانات اللبنانية والعربية الكبرى، لا تتم على أساس المقدرة والموهبة والفن الحقيقي، بقدر ما تقوم على العلاقات التسويق والصداقات؟.
•• الجميل في هذا السؤال أنه يحمل إجابته معه، أنا لا أحب السمسرة، ولا تقديم التنازلات والوساطات لأشارك هنا أو هناك، والحمد لله أن هناك أماكن في العالم العربي، لا تزال صافية في التعامل ونقية في الأهداف، تحترم الفنان ومسيرته والفن الذي يقدمه، أظننا نحتاج إلى ما يشبه الانتفاضة في المهرجانات العربية، هناك اهتمام بالسياسة والاقتصاد والنفط والبورصة، فلماذا لا يكون هناك اهتمام عربي بالفن، بتلك المهرجانات، وأتمنى أن يتم ذلك ليتم تصويب الأمور أكثر، ووضعها على الدرب الصحيح. لكي أقله تتم الغربلة، ويتم التمييز بين الفنان الأصيل ومدعي الفن.
• دعني أقترب أكثر من حياتك الخاصة، أنت فنان متزوج، وأب ولديك عائلة وأبناء، إلى أي مدى يخسر الفنان المتزوج من رصيد المعجبات والمعجبين؟.
•• هذا الحديث أعتبره خارج المنطق، المعجبات والهالة الاجتماعية، تخسر الفنان بعضا من وقته، لأن العائلة لها حق على الفنان، الزوجة والأولاد، وقوفه إلى جانبهم، واهتمامه بكل تفاصيل حياتهم، وتقديم المحبة لهم والإخلاص أهم من أي معجبة أو معجب، أنا أغني للجميع، ولا أريد مطلقا أن أقع في فخ الشهرة على حساب الشكل أو العلاقات العابرة.
أنا ضد مقولة أن الفنان المتزوج يخسر من نجوميته وجمهوره، على العكس أنا أراها وضعا إيجابيا، يضع الفنان على لوائح الانسان الطبيعي جدا.
• بعض النجوم، صنعوا ثروات طائلة من راء الفن الحفلات، هل صنعت ثروة من فنك؟.
•• يا صديقتي، أنا شخصيا لا تهمني كل ثروات الأرض، تهمني محبة الناس، ويهمني رضى ربي، ورضى عائلتي وأهلي، يهمني أن أكسب نفسي في هذه الحياة حتى أصل للآخرة وضميري مرتاح، وسجلي خال من العيوب والسقطات، يقول السيد المسيح (ماذا لو ربحت العالم وخسرت نفسي) أنا لا أريد أن اخسر نفسي من أجل المال على الأرض، لم أصنع ثروة، لكنني وأشكر الله مرتاح أنا وعائلتي ونعيش مكتفين ودون أي شعور بالنقص.
• إلى أي مدى يعني لك الجمهور، وهل أنت مع مقولة الجمهور عاوز كدة فتتخلى من أجله عن مبادئك؟.
• بعض فناني اليوم صاروا كما يقول المثل (مسبعين الكارات) غناء وتمثيل وتقديم برامج، ماذا تقول في ذلك، وهل عرض عليك التمثيل مثلا؟.
•• أنا مع الفنان الذي يمتلك طاقة ومقدرة ومواهب مختلفة، حين يمثل ينجح، وحين يقدم برنامجا ينجح، لكنني ضد أن يضع الفنان نفسه في موقع لا يجيده، أنا مع هذا التنوع شرط الاتقان، لكنني ضد أن يعمد كل الفنانين إلى تقليد بعضهم في هذا الخصوص، لأننا حينها سنخسر الفنان كمغني، ولن نتقبله في مواقع أخرى.
عرض علي التمثيل وبشكل كثير، وكنت دائم التردد، الآن أفكر بالأمر بشكل جدي، وأقرأ كثيرا من النصوص، وإن وجدت نفسي في أحدها لن أتأخر بالتمثيل.
أنا الآن في إطار الحوار، والتشاور مع الحلقة الضيقة لأخذ الرأي ، لا أريد أن أقدم على مغامرة لا تليق بي.
• الحب، ما دوره في حياتك؟.
•• الحب برأيي أهم شيء في الحياة، والله اختصر الحياة كلها بالمحبة، أحبوا بعضكم بعضا، وليس الحب محصورا فقط بحب شريكة الحياة، الحب للوطن، الناس والطبيعة وبقية الكائنات التي تعيش بيننا.
• ماذا تحضر من جديد للمرحلة المقبلة؟.
•• أحضر أغنيتين معا، أغنية باللهجة الخليجية، ستنزل قريبا في الأسواق، في منتصف الشهر السابع، وهناك أغنية قديمة جددتها بطريقة جديدة، على صعيد الحفلات، كنت مؤخرا في الأردن، وسأشارك صيفا في مهرجانات لبنانية، ولي حفلتان في مصر، وعودة للأردن، ومشاريع أخرى وأشكر الله على ذلك.
• لو لم تكن أنت، واستمعت لسيمون حدشيتي واطلعت على مسيرته، ماذا تقول عنه؟.
•• سأقول هو فنان يعمل بصمت وهدوء ولا تهمه الأضواء كثيرا، بطيء بأعماله، هذا ليس عيبا، بل دلالة على احترامه للفن وللجمهور، سأقول في النهاية هو إنسان أكثر منه فنان.

You may also like...

0 thoughts on “سيمون حدشيتي: كثير من النجوميات صنعت بالتزييف”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحميل المجلة

شرفتي.. المقال الصحفي…… هل ما زال؟!

رئيس التحرير
الدكتور وليد السعدي

Polls

هل انت مع منع لعبة البوكمن في البلاد العربية ؟

Loading ... Loading ...
Facebook
Google+
Twitter
YouTube
Instagram