لـنـا كـلمــة ………………… الإيديولوجيا والنظم والتحولات

محمد خليفة

الإيديولوجيا والنظم والتحولات
المصارحة هي أول خطوة في بناء علاقات ناجحة سواء على مستوى الأفراد أو مستوى الأمم والشعوب، فعندما يعترف المخطئ بخطئه تجاه الآخر تصفو القلوب والسرائر، وينتشر الحب والسلام، وتعد العلاقة بين الشرق المسلم والغرب المسيحي من أكثر العلاقات تعقيداً عبر التاريخ، لأنها قامت منذ البداية على سوء الفهم،الذي يغذيه الصراع المسلح، وبغض النظر عمن كان البادئ بهذا الصراع، إلا أن الحقيقة تقول، إن أوروبا مسؤولة عن الحروب الصليبية وعن محاكم التفتيش، وهي قضايا لايزال الرأي العام الأوروبي والغربي يتنكر لها وخصوصا الحروب الصليبية، حيث يلقي وزر هذه الحروب على الشرق المسلم.
لكن رغم ذلك فهناك موقف شجاع تبناه رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما الذي تطرق في كلمة له خلال صلاة الإفطار الوطنية التي أقيمت يوم الرابع من فبراير 2015، إلى عصابة داعش والوحشية التي تقترفها في ممارساتها، معتبراً أن البعض قد يعتقد بأن الأمر يقتصر على منطقة دون أخرى، ولكن الحقيقة غير ذلك. مضيفا: (لنتذكر أنه خلال الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش التي أقيمت للمسلمين في الأندلس، ارتكب البعض أفعالا شنيعة باسم المسيح). ومن دون شك، فقد امتعض الكثير من المتطرفين في الولايات المتحدة وأوروبا من كلام الرئيس الأمريكي، الذي جاء كالصاعقة على رؤوس أولئك الذين يصرون دائماً على القول: (بأن الغرب هو الضحية في هذه الحرب التي يشنها متطرفون ينتمون إلى العالم الإسلامي). لكن الرئيس أوباما صدع بالحق، وأوضح أن الأوروبيين أيضاً ارتكبوا خطأ كبيراً ضد المسلمين في الماضي عندما شنوا عليهم حرباً دينية لاتزال في دائرة المقدس عندهم، بل يضعها الكثير من باحثيهم ومفكريهم في نطاق (الحرب العادلة”)حيث يقولون: (إنها كانت ضرورية آنذاك لمواجهة التحدي السلجوقي المسلم في آسيا الصغرى، ومن أجل تحصين أوروبا وإيقاف الزحف الإسلامي تجاهها).
وعلى الرغم مما يبدو للوهلة الأولى من وجاهة هذا الرأي؛ إلا أنه ليس كافياً لتبرير تلك الحروب الهمجية التي دعا إليها بابا روما أوريان الثاني، أواخر القرن الخامس الهجري، والتي استمرت قرابة مئتي عام، والتي لم تكن تستهدف إيقاف الزحف السلجوقي في آسيا الصغرى، ولا تحصين أوروبا، بل كانت حرباً حضارية تستهدف القضاء على أمة الإسلام، لأن الذين شاركوا فيها كانوا من مختلف أمم أوروبا الغربية.
إن هذه الحروب التي أشعلها الأوروبيون باسم المسيح، كانت جريمة، ولم يكن ثمة مبرر لها، كما لم يكن ثمة مبرر لمحاكم التفتيش التي أقامتها الكنيسة الرومانية في أوروبا وخاصة في إسبانيا الإسلامية، لكن ترى، هل سيكون لكلام الرئيس باراك أوباما أثر على أرض الواقع، وهل سنشهد حركة مراجعة فكرية ونقدية عند الغربيين للحروب الصليبية ولمحاكم التفتيش؟.

You may also like...

0 thoughts on “لـنـا كـلمــة ………………… الإيديولوجيا والنظم والتحولات”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحميل المجلة

شرفتي.. المقال الصحفي…… هل ما زال؟!

رئيس التحرير
الدكتور وليد السعدي

Polls

هل انت مع منع لعبة البوكمن في البلاد العربية ؟

Loading ... Loading ...
Facebook
Google+
Twitter
YouTube
Instagram