لـنـا كـلمــة …….. هل تصبح الشيخوخة من الماضي؟

محمد خليفة

هل تصبح الشيخوخة من الماضي؟
تعتبر الشيخوخة مقدمة حتمية للموت، وتلعب عوامل متعددة في وصول الإنسان إلى تلك المرحلة المؤلمة من العمر حيث تضعف القِوى ويهزل البدن، ويعد المرض أحد أهم الأسباب التي توصل الإنسان إلى ذلك المصير، لكن هناك أسبابا تتعلق بتركيب الخلايا التي تتوقف عن الانقسام وتأخذ بالتناقص مع التقدم بالعمر مما يؤدي إلى تراجع الصحة وبالتالي الوصول إلى مرحلة العجز الكلي أو الجزئي، وكثيراً ما كانت الشيخوخة دافعاً للعلماء للبحث والتفكير، فهذه الحالة، رغم أنها تأتي في سياق تطور الإنسان في رحلة العمر من المهد إلى اللحد، إلا أنها ليست قدراً لا يمكن تجاوزه، فالتطورات العلمية الهائلة التي أنجزتها البشرية قد سمحت لها بأن تصل إلى فهم افضل وإدراك أعمق لطبيعة الجسم، من خلال تشريحه ومعرفة فيزيولوجيته وأمراضه، والعلاقة ما بين العوامل الخارجية والداخلية وتأثيرها على الصحة والحياة.
وفي الخمسينيات من القرن الماضي وبعد الثورة العظيمة التي حصلت باكتشاف المضادات الحيوية والتخدير وتصنيع هرمون الأنسولين، التقط العلماء أنفاسهم وبدأوا الهجوم المضاد، وكانت أول خطوة حقيقية لفك أسرار الشيخوخة هي التوصل إلى فهم تركيب المادة الوراثية DNA، حيث تبين أنها مستودع المعلومات الخاصة بكل خلية، وأنها تملك القدرة على تحويل وترجمة هذه المعلومات لأوامر إلى أجزاء الخلية لتصنيع مواد معينة أو القيام بوظائف محددة، وتسارعت الخطى حتى تمكن العلماء مؤخراً من اكتشاف مركب واعدً ظهرت فعاليته في مكافحة الشيخوخة لدى الفئران، ومن المرتقب إجراء أول اختبار لهذا العقار على البشر في شهر يوليو المقبل، وقد تقدم عشرة متطوعين لتجربة المركب الدوائي طبياً لمعرفة ما إذا كان العلاج سيبطئ الشيخوخة دون إحداث أي أضرار جانبية أم لا، وذلك تحت إشراف باحثين من جامعة واشنطن يعملون في جامعة لويس وكيو في اليابان، وإذا ما أظهر المركب نتائج إيجابية فمن المتوقع طرح الدواء للاستخدام العام، وبالتالي سيكون أول مركب طبي حقيقي يطرح في الأسواق بهدف مكافحة الشيخوخة، وذكر أحد المشاركين في هذه الدراسة أن المركب الجديد هو جزيء عضوي، يوجد في مجموعة متنوعة من المصادر الغذائية، بما في ذلك الحليب، وهو يحفز إنتاج فئة من البروتينات تسمى سيروتين، وهي تتناقص كلما تقدم الإنسان في العمر، ورغم أن التجارب المخبرية على قدرة الدواء أثبتت نجاحها في وقف الشيخوخة لدى بعض الفئران بنسبة كبيرة، إلا أن العديد من العلماء يعتقدون أن اختباره على البشر قد لا يؤتي أية نتيجة، وهم يرون مع ذلك أن العلاج قد يكون له أثر كبير في تقدم العلوم. إن التقدم في خدمات الصحة في مختلف مناطق العالم وخاصة في العالم الغني، أدى إلى تقليل الوفيات في الأعمار المختلفة نتيجة أمراض السرطان والقلب والأمراض الدماغية الوعائية والالتهاب الرئوي وغيرها، كما جعل معدلات متوسط العمر ترتفع إلى مستويات غير مسبوقة، ففي اليابان، مثلاً، وبناء على إحصائية قدمتها وزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية، في 15 سبتمبر 2014 (يوم احترام الكبار في اليابان) ، فقد وصل عدد المسنين الذين تجاوزت أعمارهم 100 عام إلى قرابة 58820 شخص، وهو العدد الأعلى من أي وقت مضى، أما بالنسبة لمتوسط عمر النساء، فقد تم تحديثه أيضاً وأصبَحَ نحو 86.61 عام أي بزيادةً قدرها 20 بالمائة عن العام الماضي، وهو أكبر متوسط في التاريخ حتى الآن، وفي مقابل ذلك تعاني اليابان من انخفاض نسب المواليد بسبب عزوف الشباب عن الزواج حتى أصبح الشعب الياباني مهددا بالانقراض، ولاشك أن نجاح هذا العقار الذي يتصدى للشيخوخة سيفتح أمام البشر آفاقاً جديدة، لأن الحياة لن تبقى عبارة عن رحلة بين المهد واللحد، بل سيكون أمام الإنسان متسع كبير من الوقت ليعيش حياة طويلة من دون أن يشيخ أو يهرم، وهذا سيجعل المجتمعات البشرية في حالة شباب دائم، بالتالي لن تعود الشيخوخة سبباً حتمياً للموت.

You may also like...

0 thoughts on “لـنـا كـلمــة …….. هل تصبح الشيخوخة من الماضي؟”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحميل المجلة

شرفتي.. المقال الصحفي…… هل ما زال؟!

رئيس التحرير
الدكتور وليد السعدي

Polls

هل انت مع منع لعبة البوكمن في البلاد العربية ؟

Loading ... Loading ...
Facebook
Google+
Twitter
YouTube
Instagram