تقدم الفرق الفنية المغربية خلال فعالية المغرب في أبوظبي لوحات فنية رائعة وتوليفة جميلة تُتحف الحضور بمزيج غنائي يعكس عراقة الماضي وأصالة الحاضر، من خلال ما تؤديه من موسيقى وأمداح بأجواء صوفية وأذكار جميلة.

فنون تراثية

فعالية المغرب في أبوظبي تقدم ألوان متعددة من الفنون الغنائية التراثية، كالمديح والسماع وطرب الآلة، والتي تدخل السرور على قلوب الجمهور عند مشاهدتهم لهذا التقليد المتأصل لدى المغاربة، والذي يقدم صورة مختصرة للزوار ويُعرّف بالتاريخ الفني المتميز للمملكة المغربية، كما تقدم الفرق الموسيقية هذا العام برنامجاً مختلفاً كلّياً عن العام الماضي، من خلال أربع وعشرون نوبة موسيقية، متوزعة على ساعات غنائية خلال اليوم، كما تعزف كل فرقة بشكل منفرد في مدة تتراوح بين 20 و الـ 30 دقيقة، من غير انقطاع خلال اليوم، مما يسمح للزائر الاستمتاع بجميع الفنون المغربية الغنائية بلباسها التقليدي الذي يمثل جميع المدن المغربية، مما يشعر الزائر وكأنه في المغرب.

الحضرة النبوية

وبهذه المناسبة قال الملحن والعازف المغربي نبيل الخالدي المدير الفني بفعالية المغرب في أبوظبي، إن العرض الموسيقي لهذا العام سيصحب الزوار لأحد القصور المغربية التي تعيدك إلى العصر الأندلسي بما فيه من غناء وطرب مميز، حيث تستمد العروض أغانيها من موروث العرب الذين كانوا في الأندلس، بالإضافة إلى مجموعة من البرامج الموسيقية المميزة لهذا العام لكل فرقة على حدى.

وأضاف الخالدي، ستحتفي الفرق الغنائية هذا العام بذكرى المولد النبوي الشريف لإظهار جانب من طقوس المغاربة في هذا اليوم الذي يصادف الأحد 11 ديسمبر/ كانون الأول، بحيث ستقدم لوحة غنائية تليق بها المناسبة العظيمة من خلال ليلة موسيقية، تقتصر على المديح والإنشاد بالشمائل المحمدية، مما يعكس تخليد هذه الذكرى عند المغاربة والتي ظلت متوارثة حتى سارت واقعاً نابعاً من تعلقهم بالحضرة النبوية.

فرقة نسوية

وأشار الخالدي، إلى وجود فرقة نسوية تسمى “الحضارات” بأزيائهن الشفشاونية التقليدية، والتي ستقدم فناً مختصاً بالنساء بالأفراح والمناسبات، إلى جانب تقديمها أمداحاً نبوية، وفناً صوفياً، وتتميز الحضرة بكونها فناً يقتصر على النساء فقط، لها طقوسها ورموزها وأمكنتها ومناسباتها الدينية والاحتفالية والاجتماعية، حيث تلتقي نساء المدينة في مثل هذه المناسبات داخل البيوت والزوايا لصلة الرحم وإقامة طقوس الأذكار والمديح والتقرب من الله بابتهالات ودعوات يغلب عليها الطابع الصوفي.

الفن الحساني

لافتاً إلى وجود فرقة فنية أخرى تنحدر من مدينة العيون في الصحراء المغربية، وتسمى فرقة الفن الحساني، وتقودها الفنانة المغربية بتول الميرواني والفرقة مكونة من 5 أفراد، وراقصة تؤدي رقصة الكدرة الخاصة، والتي تعد أحد أبرز التعابير الفنية التي يشتهر بها أهل الصحراء بالمغرب، فولعهم بالشعر وإتقانهم لموازينه سواء باللغة العربية الفصيحة أو باللغة الحسانية، لهجة بدوية مشتقة من العربية التي كانت تتحدثها قبائل بني حسان، حين يرتفع حماس الإيقاع داخل الكارة، تدخلها إحدى الفتيات وقد التحفت بـملحفة صحراوية وغطت وجهها على استحياء، لتبدأ في الرقص مستعملة بشكل خاص يديها، وبحركات وئيدة وبطيئة تنتقل الراقصة وسط الكارة دون النظر لمن حولها من الحاضرين فيما يتعالى دق الطبول وتصفيق المتحلقين.

فن الملحون

وأوضح الخالدي، عن وجود فرقة تسمى فرقة “فن الملحون”، تتكون من زجل مغربي ملحن، وأكثريته قصائد غزلية بقيادة المطربة عائشة الدكالي، والذي يعتبر من الفن الأصيل والمتجذر في الذاكرة المغربية، فإن الأهم هو فن في متناول أجيال جديدة تعودت أذواقها على فنون معاصرة، مع تذكير أجيال قديمة بقيمة الملحون الذي ملأ وجدانها لسنين طويلة، كما أن الحديث عن قيمة هذا الفن، الذي يشكل أيضاً ذاكرة جماعية ثمينة بالنسبة للمغاربة، لا يستقيم دون استحضار عطاءات رواده الكبار من منشدين وشعراء، كما أن تكريس قيمة الملحون، التي تزداد وتترسخ مع مرور الزمن، هي التي جعلت باحثين وجامعيين يفردون أطروحات جامعية ومؤلفات لفن الملحون، حفاظاً عليه من جهة، ونشره على نطاق واسع من جهة أخرى.

موشحات مغربية

كما تتواجد فرقة فنية تسمى “ثلاثي ناصر الهواري”، وتعزف موشحات مغربية مستمدة من الأندلس برفقة المطربة فاتن هلال بك، إلى جانب فرقة كناوية، والتي تعود جذورها إلى غانا، وتمزج في أدائها بين اللونين الإفريقي والمغربي، وهي تنحدر من سلالة العبيد الذين استجلبوا في العصر الذهبي للإمبراطورية المغربية من أفريقيا السوداء الغربية، التي كانت تسمى آنذاك السودان الغربي أو إمبراطورية غانا، وكناوة عبيد غينيا كما كانوا دائماً يُسمون، قبل إندماجهم التام في المجتمع المغربي، وما تزال “الطريقة الكناوية” متواجدة في العديد من المدن والقرى المغربية حتى اليوم، خصوصاً في مدن مراكش والصويرة والرباط ومكناس وتحظى مدينة الصويرة بمقام المدينة الروحية للطائفة داخل المغرب.

جوق للطرب الأندلسي

ستتواجد أيضاً فرقة الجوق للطرب الأندلسي، الذي انتقل إلى مناطق المغرب العربي مع أولى الهجرات الأندلسية لهذه المناطق بعد سقوط الأندلس، رواد هذا الفن اليوم هم فنانون فقط، فإنهم ما زالوا يظهرون في حفلاتهم بالزي التقليدي الذي تميز به رجال العلم وعليّة القوم، يرتدي أعضاء الفرقة الجلباب والطربوش والبلغة، وكلمات البرنامج الذي ستقدمه هذه الفرقة مستمدة من قصائد شعرية صوفية شهيرة في أغلبها، قبل أن يطعمها روادها بألوان شعرية أخرى تستوحي مادتها من الحياة اليومية في المجتمع المغربي، وتمزج بين الموعظة والمزاح، وبين المدح والغزل الرقيق.

ختام يومي

واختتم الخالدي بالقول، في نهاية كل يوم ستُقدم الفرقة العيساوية للمقدم ياسر الشرقي، عرضاً خاصاً من خلال الأمداح بصوت عالٍ واستخدام الموسيقى في مسارات التنوير الروحاني، ويشتهر شعبياً عن هذا النسيج الموسيقي أن له وقعاً خاصاً على المستمعين، الذين قد يحدث عند بعضهم انفعال خاص، وأن له مؤهلات استشفائية لبعض الأحوال النفسانية، وتتم إقامة حفلة عيساوة في المناسبات الدينية كالمواسم وعيد المولد النبوي الشريف.