عيـــون مريم كل عام أحبك يا أبوظبي .. يا بيروت

مريم شقير أبو جودة

من هنا من برجي الرابع، من مملكة الحب في هذه الليلة الفصل بين العام والعام أطل على بقايا الطمأنينة والاخضرار، أرقب سعي الجداول والنوارس والشوارع، أسمع صوت العمران بكامل ضوضائه وصخبه ومطرقة هنا ومحدلة هناك، وعمال تتهادى أصواتهم وخرز مسامير حتى بلوغ الوجع، أتألم بصمت وأبسط ذراعي لأربت على الأكتاف المشتعلة بالأنين والغربة، وأفتح قلبي على مصراعيه لأحفظ أهدابك الحالمة المقتلعة هدباً فهدباً في مطلع كل جدار، وأرثي لكل شجرة، بل لكل نبتة بل لكل عشبة تحملها يد مرغمة لذات آثمة لا تشبع.
أغترف لحظة أمل، حفنة رمل قبل أن يلتهمها الإسفلت والعجلات، ما من مكان يتسع لقدمي العاريتين بعد أن نهبوا مدن البراءة، أغترف حفنة ماء لأمسح حزني عن جفوني المغلقة قسراً لزمن طويل طفح بالزيف والرداءة.
وأذكرك يا أبوظبي، يا حبي الأوحد، وذكراك فوق ما أريد، وأشد من الحلم لقيلولة قصيرة بل لنظرة تأمل مديدة، مديدة آمل فيها شيئاً من اللامبالاة.. لكن كيف وأنا وأنت وجهاً لوجه يا بيروت.. فوحدك القادرة أن تديري دفة النبض والهدير عن حبيبي المنتظر دبيب البوح، لأراك بكل ما فيك من جمال وبخور.
أيتها العاصية حتى الإخلاص، كم أحبك!
وأرضك المليئة بالخصوبة ترطب غصتي الممتدة كالتنهيدة على أغوار الخافق والخفقان.
كم أحبك يا أبوظبي! أهديتني كل جميل، وكل فرح، ولك حنين، فاعذريني، حين أنأى عنك بعض الحب، بعض اللقاء، بعض الجنون، فأنا لكِ، اختطفني حبيبي ذات أمنية فسلوت عنك قليلاً أم كثيراً، أغفري لي وكلليني دائماً بأريج الأحبة يا بيروت، واغمريني بموج طري يغسل شحوب المسافة وعديني أن أبقى شمس الأبجدية ونوارة الكلام، ونغم القصائد، وتوجيني ملكة الحب الأبدية لينعم كل أبنائك بعسل المودة والوئام.
أبارك فيهم كل صباح الولاء والتمجيد لاسم الله، التحية والسلام لاسم الخير والعشق، لاسم أبوظبي الأكبر والأشمل والأعم..
آه يا بيروت كم أشتاقك وأنا معك، وأنا معه وأنا مع ذاتي الهاتفة أبداً بالحرية، وبحبك الآسر بروحي حين أتلمس ضلوعي أخالها أصابعك المتمردة، وحين أقرأ دمي أخاله بحرك يا بيروت، وحين أذهب بعيداً مع أرجاء الفؤاد أتفقد قوامك قدماً تجلجل الأرض وقمماً تتلألأ النجوم على جبهتها فيزهو المساء ويبتهج الأزرق.
آه يا أبوظبي، آه يا بيروت يختلط علي المكان وتندمج المدن بين قلبي وقلبي، أشتم من الداخل رائحة احتجاج تستنكر طغيان الموقد وتحرق بالأسفلت براءة الفراشات إلى أن ألقاك كما كنت عروسة كل عام سأقول أحبك يا بيروت.. وإلى اللقاء يا أبوظبي..
عامنا سعيد وعالمك ينبض بالمحبة.

You may also like...

0 thoughts on “عيـــون مريم كل عام أحبك يا أبوظبي .. يا بيروت”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحميل المجلة

شرفتي.. المقال الصحفي…… هل ما زال؟!

رئيس التحرير
الدكتور وليد السعدي

Polls

هل انت مع منع لعبة البوكمن في البلاد العربية ؟

Loading ... Loading ...
Facebook
Google+
Twitter
YouTube
Instagram